12:56 صباحًا / 29 أبريل، 2024
آخر الاخبار

بريكس بمواجهة السَبع! بقلم : د. حازم قشوع

د. حازم قشوع

بريكس بمواجهة السَبع! بقلم : د. حازم قشوع

بعد قرار منظمة بريكس بضم مصر وأثيوبيا والسعودية وإيران والأرجنتين والإمارات رسميا لهذه المنظمة فى جوهانسبرغ، تكون بريكس قد نجحت في تكوين منظومة “جيوسياسية وأخرى جيواقتصادية” جديدة بعد مرور 15 دورة لمؤسسي هذه المنظومة وهي روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا.

وهذا ما يعني أن تحدي التعددية القطبية أخذ يبرز للعيان، وتكون بريكس بذلك في مواجهة مع التحالف الأميركي الأوروبي الذي يعرف باسم “مجموعة السبع” الذي يضم بعضويته أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وكندا واليابان وهو ما يؤكد أن العالم قد دخل بطور الاصطفاف الحاد مشكلا بذلك جناحين قطبيين.

وبإعلان بريكس تنامي نفوذها ليصل الى 11 دولة حتى الفترة الحالية، تكون قد شكلت القرن الآخر لترتكز عليه الكرة الأرضية، وكما بينت دورها في بيت القرار العالمي معنونة بذلك نظاما جديدا للتوازن الدولي ويكون نادي بريكس أيضا قد أشهر دوره التنافسي على مسرح الأحداث حيث ينظر اليه الكثير من المتابعين أنه سيحمل في طياته متغيرات واسعة تطال العديد من الملفات السياسية ونماذج الأدوار الاقتصادية في كل المناطق الإقليمية على امتداد رقعة الجغرافيا السياسية.

وبهذا تكون بريكس أعلنت حربها على الدولار بطريقة مباشرة وهو ما بينته دعوة الرئيس البرازيلي دي سلفيا التي دعت لتشكيل عملة موحدة لهذا النادي بما يمكن الدول الأعضاء الخروج من وصاية الدولار إلى رحاب من الحماية النقدية بمواجهة مع الدولار (الأوروبي الأميركي) ويكون بذلك هذا النادي مناوئا للمنهجية السابقة التي كانت تقوم عليها التجارة العالمية بوصاية واشنطن ومرجعية الدولار وذلك مع بدء دول بريكس بالتبادل التجاري بينها بالعملات الوطنية إلى حين إصدار عملة بريكس خلال العشر سنوات القادمة.

وقد بين نادي بريكس أهدافه وحدد برنامج عمله وأكد ندية قوامه في بيان جوهانسبرغ مبينا بذلك دوره الجيواستراتيجي القادم. كيف لا وهو الذي يعتبر نادي “الغذاء والطاقة” لا سيما وهو يمتلك غالبية سلة الغذاء الدولية ويستحوذ على معظم مصادر الطاقة الطبيعية والصناعية وهو ما يجعل من دول بريكس تكون في مواجهة مع المنظومة الغربية ذات السمة الصناعية والعلوم المعرفية وهو ما يعد ايضا انقساما أفقيا بين الموارد المنتجة والآليات المصنعة كما يشكل انقساما رأسيا على اعتباره يشكل مولود التعددية القطبية.

صحيح أن الأرضية المشتركة لدول بريكس تبدوا غير منسجمة سياسيا ولا حتى ديمقراطيا على حد وصف جيك سوليفان مستشار الرئيس الأميركي، لكن ما هو صحيح أيضا أن الناتج القومي الإجمالي لهذه الدول يشكل حيزا كبيرا من إجمال الناتج العالمي وهذا يؤثر بطريقة مباشرة على حجم تداول الدولار وسيؤثر إلى حد كبير على عامل الثقة الذي تقف عليه العملة الرسمية للاقتصاد العالمي “الدولار” التي ما زال يتم تداولها دون مرجعية نقدية بل بواقع هيمنة سياسية على حد تعبير خبراء النقد العالمي، الأمر الذي ينظر إليه بعض المراقبين انه ينهي حالة تفرد الدولار في حركة التجارة العالمية كما أن ذلك يعد بمثابة دخول العالم بإطار التعددية القطبية من الباب الاقتصادي على أقل تقدير وهو المدخل الذي بدوره سيعيد بناء منظومة التوازن العالمي لتكون بحلة جديدة.

وفي مواجهة إعلان نادي بريكس لمقرراته وبرنامجه الخاص بالتمدد والاستقطاب في الاجتماع القادم الذي سيعقد في روسيا بدأت الولايات المتحدة في الحديث عن تعديلات جوهرية قد تطال منظومة الحكم المركزية لبيت القرار الدولي وهي المنظومة التي تم تشييدها مع إنشاء الأمم المتحدة لباكورة مؤسساتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي تضم (البنك الدولي وصندوق النقد) وهو إصلاح يأتي منسجما مع حركة المتغيرات الناشئة وإن كان متأخرا في القياس العام.

هذا لأن بيت القرار الغربي “العالمي سابقا” أخذ يتعامل بردة فعل وليس بفعل كونه الحاكم للحركة التجارية وأخذ يتلقى صدمات مع نشأت هذا التكوين الجديد الذي يعتبره بعض السياسيين بأنه الأخطر على المرجعية الدولية الأمر الذي جعل بيت القرار الغربي يقوم بإجراء سياسات احتوائية قد تتيح للسبع الكبار من إعادة بناء قوامهم وتعزيز محتواهم ليكون أكثر تماسكا من ذي قبل.

وهذا ما سيمكنهم من العمل على بعثرة هذه المنظومة قبل عملية دخولها بتشابك مصالح يصعب من بعدها التعاطي بدبلوماسية وازنة وستضطر دول السبع للدخول بعملية جراحية واسعة للاستئصال وهذا ما قد يجعل باب التكهنات تحصل استخلاصاته دوامة العنف.

وقد يكون ذلك وراء ضم نادي بريكس لدول كانت تعتبر متناقضات بالأمس في الشرق الأوسط مثل السعودية وإيران وكما تم ضم من أفريقيا قطبي القرن الأفريقي مصر وأثيوبيا ومن أميركا اللاتينية عنوان التناقض والتنافس البرازيل والأرجنتين وهي طريقة استقطاب الهدف الكامن وراءها نزع فتيل الأزمة بين الأعضاء، لكن ضم بحاجة لدراسة متأنية مع توقع دخول دول عربية أخرى في محطة الاستقطاب القادمة مثل الكويت والعراق اضافة للجزائر التي حال الفيتو الهندي دون دخولها لبريكس في اجتماع جوهانسبرغ، وهو ما يجعل المنظومة العربية تعيش أيضا في أزمة أطر بين قطبي المعادلة الدولية؟! وقد لا يبقى في المشرق سوى الأردن الذي تربطه علاقة عضوية مع الولايات المتحدة وهو استنتاج يطرح سؤالا عريضا حول كيفية تعاطي مجموعة السبع وبرنامج عملها للمرحلة القادمة فهل ستقود هذه المستجدات من تمكين الأردن وتعزيز مكانته من خلال اجتماع لقمة السبع يعقد في عمان لمناقشة كيفية التعاطي مع منظومة بريكس.

والأردن الدولة التي ينظر إليها باعتبارها مشارك/شريك في توسيع مناطق النفوذ “لجيش سينتكوم” لاعتباره منطلقا أساسيا لاستراتيجية العمل القادمة لكن ظروفه الاقتصادية ما زالت غير مواتية ويعيش أزمة عميقة جاءت نتيجة دفاع الأردن عن المنطقة، نيابة عن الأسرة الدولية في حربها ضد الارهاب؟

وهل ستعمل واشنطن بذات السياق على حل عقدة الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي التي يعد حلها ركنا أساسيا في تدعيم المناخات الاستراتيجية بالمنطقة وتوسيع نطاق حضورها على المستوى الشعبي الذي بدوره يشكل حماية ورافعة للدول السبع في ظل إقدام تيار عريض بإسرائيل بفتح قنوات تفاوضية مع دول بريكس وهي استفسارات ستبقى برسم إجابة الإدارة الأميركية عندما تكشف عن رزمة تعاطيها مع هذا المتغير العميق.

شاهد أيضاً

الشرطة تقبض على مشتبه فيه بإطلاق نار في بيت لحم

الشرطة تقبض على مشتبه فيه بإطلاق نار في بيت لحم

شفا – ألقت الشرطة مساء اليوم القبض على شخص مشتبه فيه بإطلاق نار بمحافظة بيت …