1:25 مساءً / 27 أبريل، 2024
آخر الاخبار

اختيار التخصص بين الحلم والواقع ، بقلم : زبيدة صبحي سلمان

زبيدة صبحي سلمان

اختيار التخصص بين الحلم والواقع ، بقلم : زبيدة صبحي سلمان


قبل أقل من شهر خرجت نتائج امتحان الثانوية العامة الى الملأ وتسابق الطلاب في تقديم طلبات الالتحاق للجامعات وفقا لمعدلاتهم وقدراتهم المادية ضاربين بعرض الحائط حاجة السوق ومتطلبات العصر من جهة ورغباتهم الشخصية والمهارات التي يتقنوها من جهة أخرى. فأصحاب التسعينات والقدرات المادية الجيدة سيتوجهون حتما الى تخصصات “القمة” كما يحلو لمجتمعنا تسميتها وهي التخصصات الطبية والهندسية، لأننا ما زلنا في ثقافتنا نعتبر مجالي المهن الطبية والهندسية من المهن المحترمة والمرموقة التي يحلم بها الآباء والأمهات ويعتبرونها وسيلة لتحقيق أحلامهم المنثورة، ويرونها من الوظائف التي توفر استقرارًا مهنيًا وماليًا وفرصًا أفضل للعيش والتنمية. وسيحظى ابناؤهم من خلالها بسمعة ومكانة اجتماعية عالية بين الناس، وبعض العائلات قد يكون لديها إرث وتقليد عائلي بحيث يجب أن يخلف الطالب أباه أو أمه دون الاكتراث بقدرات الطلاب وميولهم لأنه في النهاية هناك عيادة جاهزة او صيدلية بانتظاره، أو شركة يرأسها أو مصلحة تجارية يتسلمها فور تخرجه.

لكن ماذا عن البقية وتلك الأعداد الهائلة التي تتخرج سنويا وتصطدم بالواقع فتطرق أبواب الوظيفة فلا تسمع سوى الصدى لصوتها؟ من يتحمل مسؤوليتها؟

عاما بعد عام، يتخرج أعداد كبيرة من الطلبة الفلسطينيين من الجامعات الحكومية والخاصة، ما يقارب 44 ألف طالب وطالبة، تستوعب سوق العمل المحلي 9 آلاف منهم يجدون أعمالاً تناسب تخصصاتهم، فيما تشكل البطالة في صفوفهم 25.6 % من إجمالي العاطلين عن العمل، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، هؤلاء يقبعون بلا عمل وهذا بلا شك يؤدي إلى إطفاء شرارة الشغف وطمس معالم أي مبادرة والقضاء على الحماس لدى هؤلاء الشباب قبل أن يولد.

فيزداد لدينا القلق من تزايد عدد الخريجين الذين يعانون من البطالة بسبب عدم توافق مهاراتهم مع احتياجات سوق العمل، فاختيار التخصص الدراسي هو قرار مهم يؤثر بشكل كبير على المستقبل المهني وفرص التوظيف التي ستكون متاحة بعد التخرج.

إن اختيار التخصص لا يقع على عاتق الطالب وحده إنما هي مهمة متداعية الأطراف تشترك فيها المدارس خاصة الثانوية منها ممثلة بالإرشاد الأكاديمي والمهني لتعريف الطلبة بوظائف المستقبل لا سيما في ظل التطور التكنولوجي، ومساعدتهم على اتخاذ خيارات تعليمية ومهنية مدروسة وواعية، بما يتوافق مع قدراتهم وميولهم من ناحية ومتطلبات سوق العمل من ناحية أخرى. في اعتقادي إن أول درجة في سلم أولويات محاربة البطالة من قبل المدارس هي دحض النظرة السلبية اتجاه التعليم المهني ورؤيته كخيار أقل قيمة والبدء في تغيير مفهومه في الوعي الإدراكي والاجتماعي عند الطلاب واولياء الأمور فالتعليم المهني ليس خيارًا ثانويًا أو أخيرًا بل هو خيار متميز يقدم فرصًا واسعة في مجموعة متنوعة من المهن والصناعات نحن في أمس الحاجة اليها.

إن التميز لا يقاس فقط من خلال المسار الأكاديمي، بل يتعلق بتطوير مهارات فنية ومهنية قوية تلبي احتياجات السوق والمجتمع. فالتوجه نحو التعليم المهني هو خطوة إيجابية تهدف إلى تلبية احتياجات سوق العمل وتوفير فرص تعليمية متنوعة ومتخصصة للطلاب.

اما الجامعات عليها أن تخرج من إطار سباق توزيع الأعداد الكبيرة من طلبات الالتحاق وإعطاء المعدل القيمة الأكبر للقبول، وتتنازل عن كون القدرات المالية هي اليد العليا في تحديد التخصص للطالب إنما عليها التركيز على قدرات الطالب ومهاراته ورغبته، فيقع على عاتقها توجيه الطلاب نحو التخصصات الأكثر طلبًا في سوق العمل فاختيار تخصص يتوافق مع احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية يتيح للطالب تطوير مجموعة من المهارات المهمة التي ستساعده على التنافس والتكيف مع التغيرات المستمرة.

فتبادر الى فتح تخصصات جديدة أو مجالات حديثة ترتبط بالابتكار والبحث والتطوير وتقدم فرصًا مهنية واعدة. إن اختيار التخصص يجب أن يكون قرارًا مدروسًا بعناية، من خلال النظر في متطلبات وفرص السوق المحلي والعالمي، والتفكير في المهارات والاهتمامات الشخصية وبذلك يمكن للدولة أن تستفيد من قوى العمل المؤهلة والماهرة في مجموعة متنوعة من المجالات وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وزيادة فرص الاستثمار.

في النهاية اليد الواحدة لا تصفق ولا تقوى على البناء والتغيير فعلى صانعي القرار والجامعات والمدارس وأولياء الأمور فتح باب للتعاون مع مختلف القطاعات لتحديد احتياجات سوق العمل من الكوادر البشرية حتى نتفادى الوقوع في فخ البطالة وتحديد التخصصات التي تعاني من نقص في العمالة أو تلك التي تتطلب مهارات خاصة لبناء مستقبل أفضل للدولة.

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتقل 20 مواطنا من الضفة بينهم سيدة وأطفال

الاحتلال يعتقل 20 مواطنا من الضفة بينهم سيدة وأطفال

شفا – اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ يوم أمس وحتى اليوم السبت، 20 مواطنا على …