1:50 صباحًا / 19 يوليو، 2025
آخر الاخبار

لا تندم بعد التخرج: بين الشغف والواقغ دليلك الذكي لاختيار التخصص في زمن البطالة الفلسطينية ، بقلم : د. عماد سالم

الدكتور عماد سالم

لا تندم بعد التخرج: بين الشغف والواقغ دليلك الذكي لاختيار التخصص في زمن البطالة الفلسطينية ، بقلم : د. عماد سالم



في كل بيت فلسطيني، يدق جرس الانتظار الآن: نتائج الثانوية العامة تقترب، والقلق يزداد… ليس فقط بشأن الدرجات، بل بشأن ماذا بعد؟


تتردد في بيوت الفلسطينيين الأسئلة الكبرى: ماذا سيدرس ابني؟ هل أسمح له باتباع شغفه؟ هل هناك تخصصات “مضمونة”؟ وهل الشهادة وحدها تكفي في ظل انسداد الأفق؟


الواقع الاقتصادي يجيب بوضوح، ولكنه ليس صادمًا فقط، بل يستحق التوقف، التفكير، وإعادة التوجيه.
السؤال الأهم الذي يقف أمام آلاف الطلبة والأهالي هو:
أي تخصص أختار؟ وهل أضمن به مستقبلي؟
في فلسطين اليوم، لم يعد الجواب بسيطًا… فقد صارت الشهادة مجرد بداية، لا نهاية.
أرقام صادمة: مؤشرات البطالة تكشف الحقيقة المؤلمة، اشارات حمراء لا يمكن تجاهلها
في تموز 2025، كشف تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن مؤشرات مقلقة لسوق العمل الفلسطيني، وخصوصًا بين الخريجين الشباب (20–29 عامًا) من حملة الدبلوم المتوسط أو البكالوريوس.
نسبة البطالة العامة بين الخريجين: 41%
⬅️ مقارنة بـ32% فقط في العام السابق!
لكن الخطير أكثر هو التفاوت الصارخ بين التخصصات، بل وبين الذكور والإناث:
أعلى معدلات البطالة حسب التخصص (2024–2025): هل تتخيل أن خريجة فنون أو تكنولوجيا معلومات قد تبقى أكثر من عامين دون عمل، رغم أن هذه تخصصات عالمية في ظاهرها؟
بطالة الخريجين: إشارات حمراء لا يمكن تجاهلها
وفق أحدث تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2024، بلغت نسبة البطالة بين الشباب من حملة الدبلوم المتوسط والبكالوريوس في الضفة الغربية نحو 41%، مقارنة بـ32% العام السابق، ما يعكس تفاقمًا مستمرًا.
الصادم أن هذه النسبة لا تتوزع بالتساوي:
⦁ الفنون: بطالة بنسبة 62.7%، وتصل إلى 81.4% بين الإناث.
⦁ تكنولوجيا المعلومات: بطالة بنسبة 48.8%، رغم الوهج العالمي لهذا التخصص!
⦁ القانون، الأعمال، والهندسة: بطالة أعلى بين الإناث في معظمها، بما يعكس فجوة مزدوجة: بين التخصص وسوق العمل، وبين الجنسين أيضًا.
التخصصات الأقل بطالة: فرص واعدة رغم كل شيء
ليست كل المؤشرات سلبية… فهناك تخصصات أظهرت مرونة نسبية، وإن لم تكن مثالية، إلا أنها تشير إلى اتجاهات ذكية في سوق العمل:


أقل معدلات البطالة حسب التخصص:
التخصص معدل البطالة
الخدمات الشخصية (حرف، رعاية، تجميل) 32.2%
العلوم الاجتماعية والسلوكية 33.8%
الهندسة المعمارية والبناء 35.8%
لاحظ أن هذه التخصصات أقرب إلى المجال التطبيقي والمهني، أو إلى العمل المجتمعي، وهي قطاعات ترتبط بالحاجات اليومية للمجتمع، وليس فقط بالشهادة.
الخريجون يحتاجون من 6 إلى 12 شهرًا للحصول على أول وظيفة
ليس التخرج نهاية الطريق، بل بداية مرحلة انتظار صعبة، إذ تشير البيانات إلى أن الطالب يحتاج بين 6 إلى 12 شهرًا للحصول على أول وظيفة.
هذه المدة قد تمتد أكثر في حال غياب التدريب، أو في حال اختيار تخصص بعيد عن الواقع المحلي.
نظرة نحو المستقبل: ماذا تقول التوجهات العالمية والمحلية؟
الاتجاهات العالمية وسوق العمل الفلسطيني يشيران بوضوح إلى أن الطلب يتزايد على تخصصات تدمج المهارات الرقمية، التقنية، والحياتية، وليس فقط النظرية.
المجال التخصصات الفرص والمميزات
💻 التكنولوجيا الرقمية الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، علم البيانات، البرمجة طلب محلي ودولي، عمل عن بُعد، وظائف بلا حدود
⚙️ الهندسة التطبيقية الطاقة المتجددة، الميكاترونيكس، التحكم الصناعي حاجة في مشاريع التنمية والطاقة
👨‍⚕️ الصحة والمجتمع
التمريض، العلاج الطبيعي، الصحة النفسية، التغذية عجز كبير في السوق المحلي، وطلب إقليمي
🌿 الزراعة الذكية الزراعة المائية، الاستدامة، التقنيات الحديثة في الري حاجة لأمن غذائي حقيقي
🔌 التعليم المهني صيانة، كهرباء، تبريد، تكييف، سباكة، لحام فرص تشغيل ذاتي فورية
🌐 الاقتصاد الرقمي التسويق الرقمي، التجارة الإلكترونية، تصميم المحتوى، ريادة الأعمال يدعم فرص العمل الحر والمشاريع الناشئة

ماذا يعني ذلك لك كطالب توجيهي؟
الاختيار لا يجب أن يكون عشوائيًا، ولا فقط بدافع الشغف، ولا تقليدًا لزملاء أو ضغطًا عائليًا.
بل يجب أن يعتمد على ثلاثة أركان:
⦁ الميول الشخصية والقدرات الحقيقية.
⦁ مؤشرات سوق العمل المحلي والإقليمي.
⦁ المرونة في التطوير والتشغيل الذاتي.
نصائح عملية لاختيار تخصصك الجامعي
⦁ راجع نفسك بصدق: هل تحب العمل الميداني أم المكتبي؟ هل تحب التعامل مع الناس أم البرمجة؟
⦁ استشر مهنيين وليس فقط الأقارب.
⦁ اقرأ تقارير سوق العمل بعيون مفتوحة.
⦁ فكّر بالتعليم المهني كتخصص رئيسي أو مكمل.
⦁ لا تتجاهل المهارات الريادية، الرقمية، واللغات.
⦁ خطط لمستقبلك الوظيفي، وليس فقط للشهادة.
كيف تختار تخصصك؟ 7 قواعد ذهبية للطلبة الجدد
⦁ لا تسأل فقط: ماذا أحب؟ بل: ما الذي له مستقبل؟
⦁ تابع التقارير الرسمية بانتظام (مثل تقرير الإحصاء 2025).
⦁ طوّر مهاراتك الرقمية مهما كان تخصصك.
⦁ فكّر في التعليم المهني كخيار محترم وذكي، وليس كبديل أدنى.
⦁ انظر لسوق العمل الإقليمي والعالمي، لا فقط المحلي.
⦁ خطط لخيار التشغيل الذاتي أو المشروع الصغير من اليوم الأول.
⦁ استفد من المبادرات التي تربط التعليم بسوق العمل (مثل التدريب الميداني، التعليم التعاوني، برامج ريادة الأعمال).
توصيات وتحليلات أولية
⦁ تحفيز التعليم المهني والتقني كبديل استراتيجي للتخصصات المشبعة، خاصة لدى الإناث.
⦁ تحسين التوجيه المهني في المدارس والجامعات، وربطه بتحليل سوق العمل والمهارات المستقبلية.
⦁ إعادة هيكلة البرامج الأكاديمية في الجامعات والكليات بما يتوافق مع التحول الرقمي والطلب المحلي والإقليمي.
⦁ تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال سياسات تشغيل مراعية للنوع الاجتماعي، وتوفير بيئة عمل آمنة ومحفّزة.
وفي الختام بين الشغف والعقل… اصنع مستقبلك بنفسك
نعم، من حق كل طالب أن يدرس ما يحب.
لكن من واجبه أيضًا أن يختار بعقل منفتح، ونظرة استراتيجية، وشجاعة لمواجهة الواقع.
لم يعد التخصص الأكاديمي بطاقة عبور آمنة نحو العمل.
بل صارت المرونة، المهارة، والتعليم الذكي هي الجسر الحقيقي.
إن اختيارك اليوم قد يحدد ملامح مستقبلك لعقد أو عقدين قادمين.
لا تدع التخصص يختارك… بل كن أنت من يختار مستقبلك بعينين مفتوحتين.
تعكس هذه الأرقام تحديًا وطنيًا عميقًا في مواءمة التعليم مع التشغيل، وتدعو إلى ضرورة تحرك استراتيجي عاجل من قبل صانعي السياسات وقطاع التعليم ومؤسسات التشغيل، من أجل كسر الحلقة المفرغة بين “شهادات بلا وظائف” و”سوق عمل بلا مهارات”.

  • – د. عماد سالم – خبير في السياسات التعليمية والتدريب والتعليم التقني والمهني

شاهد أيضاً

إجتماع إسرائيلي أمريكي لبحث تهجير سكان غزة

شفا – زار رئيس الموساد الإسرائيلي العاصمة الأمريكية واشنطن هذا الأسبوع. ووفقًا لمصادر القناة 12 …