
الودُّ والعطاء ، بقلم : ا.د. عطاف الزيات
الودُّ ليس مجرّد كلمةٍ تُقال، بل حالةُ صفاءٍ تسكن القلب، وتنعكس في السلوك قبل اللسان. هو تلك القدرة العميقة على احتضان الآخر دون شروط، وعلى الإصغاء دون استعجال، وعلى تقديم المشاعر الصادقة كما هي، بلا تكلّف ولا ادّعاء. في عالمٍ تتسارع فيه الخطوات وتضيق فيه المساحات الإنسانية، يظلّ الودُّ قيمةً نادرة تُعيد للروح توازنها، وتمنح العلاقات معناها الأصيل.
أمّا العطاء، فهو الامتداد الطبيعي للودّ؛ فعلٌ يتجاوز الحسابات، ويعلو على منطق الأخذ والمقايضة. العطاء الحقيقي لا يُقاس بكمّ ما نمنح، بل بصدق النيّة وعمق الأثر. قد يكون العطاء كلمةً في وقتها، أو حضورًا صامتًا يُخفّف ثقل الوحدة، أو يدًا تُمدّ دون أن تنتظر مقابلًا. إنّه قدرة الإنسان على أن يرى حاجات غيره كما لو كانت حاجاته، وأن يمنح من ذاته قبل أن يمنح من ممتلكاته.
وحين يلتقي الودُّ بالعطاء، تتشكّل إنسانيّةٌ أكثر نقاءً. فالودُّ يهيّئ القلب، والعطاء يترجم ما فيه إلى أفعال. عندها تتحوّل العلاقات إلى مساحات أمان، ويغدو المجتمع أكثر تماسكًا، لأنّ ما يُبنى على المحبّة لا تهدمه الخلافات العابرة ولا تُضعفه قسوة الأيام.
ليس الودُّ ضعفًا، ولا العطاء خسارة؛ بل هما قمّة النضج الإنساني. فمن يملك قلبًا ودودًا ويدًا معطاءة، إنّما يزرع أثره في حياة الآخرين، ويترك خلفه نورًا لا ينطفئ. وفي زمنٍ أحوج ما يكون إلى دفء المشاعر ونُبل السلوك، يبقى الودُّ والعطاء لغةً عالمية، يفهمها الجميع، وتحتاجها القلوب أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .