3:43 مساءً / 1 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

النظام السياسي الفلسطيني والهيكلية الداخلية لدولة فلسطين ، بقلم : عمران الخطيب

النظام السياسي الفلسطيني والهيكلية الداخلية لدولة فلسطين

النظام السياسي الفلسطيني والهيكلية الداخلية لدولة فلسطين ، بقلم : عمران الخطيب

لا نختلف على جوهر وسائل النضال الفلسطيني التراكمية منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، مرورًا بانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وجناحها العسكري قوات العاصفة، ثم انطلاق مختلف الفصائل الفلسطينية القومية واليسارية. وعلى مدى سنوات طويلة من الكفاح الوطني، شكّل هذا النضال ركيزة الهوية الوطنية الفلسطينية ومسارها السياسي.

ومع انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وانهيار جدار برلين، وتداعي منظومة الدول الاشتراكية، حُسم الصراع لصالح النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة. ولعل أحد أسباب فشل التجربة الاشتراكية كان غياب المراجعات الفكرية وغياب الحريات.

هذه المقدمة تقودنا إلى أهمية قراءة حركة التاريخ والاستفادة من التجارب السابقة. فعلى الصعيد الفلسطيني، لم تكن التيارات الإسلامية، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، منخرطة في مرحلة مبكرة في مقاومة الاحتلال البريطاني في مصر، رغم نشأة التنظيم هناك إلى جانب الحركة الوطنية المصرية. وفي الساحة الفلسطينية، رفض الإخوان الانخراط في المقاومة المسلحة ضد إسرائيل من دون مبررات واضحة، بل شاركوا في محاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أن العديد من قيادات فتح المؤسسين كانوا سابقًا أعضاء في تنظيم الإخوان إلى جانب شخصيات قومية ويسارية، فقد تركوا الانتماء الحزبي وانضموا إلى حركة فتح.

غير أنّ القوة الحقيقية لحركة فتح ظهرت في علاقتها بحركات التحرر العالمية، وخاصة الثورة الجزائرية، التي أسهمت منذ بدايات الثورة الفلسطينية في تقديم مختلف أشكال الدعم والإسناد.

ومع قيادة فتح لمنظمة التحرير الفلسطينية ومشاركة فصائل عدة باستثناء الفصائل الإسلامية التي رفضت الانضمام للمنظمة، بدأت محاولات تلك الفصائل لشيطنة المنظمة والسعي إلى أن تكون بديلًا عنها أو الاستيلاء عليها، رغم إدراكها أنها لا تستطيع ذلك منفردة. فتم تشكيل كيانات متعددة هدفها الأساسي إضعاف منظمة التحرير بصيغتها الحالية، ولا سيما بعد نجاح الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في تجاوز التحديات الإسرائيلية التي تسعى إلى تقويض السلطة الفلسطينية.

وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول و”طوفان الأقصى”، شكّل ذلك طوق نجاة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، إذ انشغل العالم بالمطالبة بوقف العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة، بينما كانت الحكومة الإسرائيلية تعمل على تدمير مخيمات الضفة، خاصة شمالها، ومصادرة المزيد من الأراضي ضمن مخطط تهويد الضفة وتهجير الفلسطينيين. إضافة إلى سيطرة وزير المالية سموتريتش على أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) التي تزيد عن 2 مليار دولار أمريكي، للضغط باتجاه إنهاء السلطة الفلسطينية التي تحولت إلى دولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.

ومع الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، بات الاحتلال مكشوفًا أمام العالم كدولة تمارس التطهير العرقي، مما دفع عددًا كبيرًا من دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين، مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، إلى جانب دول أخرى، مدفوعة بزخم المظاهرات والاحتجاجات الشعبية العالمية.

من هنا، يصبح الصراع في هذه المرحلة قائمًا على الحفاظ على وجود الشعب الفلسطيني داخل وطنه، كما عبّر عن ذلك الكاتب والمحلل السياسي نواف الزرو المتخصص في الشأن الإسرائيلي. وهذا يستدعي إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني بما يتلاءم مع تطورات المرحلة.

وقد خطت حركة فتح خطوة نوعية عبر عقد مؤتمر الشبيبة الفتحاوية، وهو ما يمهّد لعقد المؤتمر الثامن للحركة بمشاركة قيادات وكوادر شابة، بما يساهم في ولادة جيل جديد داخل اللجنة المركزية والمجلس الثوري. وهذا التوجه يتطلب من مختلف الفصائل الفلسطينية أن تحذو حذوها، باستثناء الجبهة الديمقراطية التي سبقت في عقد مؤتمرات داخلية وتغيير قياداتها.

أما حركة حماس، فهي تجري مراجعات داخلية في مختلف الأطر التنظيمية، ومن المرجّح أنها ستنضم إلى منظمة التحرير وفق شروط الرئيس أبو مازن. لكنها لن تكتفي بالانضمام، بل ستتعامل معه كخطوة أولى في مسار تمكينها، مستفيدة من قدراتها على المناورة والبراغماتية، وفق رؤية أقرب إلى منهج مكيافيلي. وهذا يتطلب من حركة فتح، على وجه الخصوص، إفساح المجال لكفاءات وطنية مستقلة للمشاركة في إدارة المرحلة المقبلة للدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية.

ونحن اليوم أمام مسار سياسي يتجاوز محطة الاعتراف بدولة فلسطين، ليصل إلى المرحلة الأهم: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري. ولن يتحقق ذلك إلا بوحدة الموقف الفلسطيني، والعمل مع أصدقاء وحلفاء الشعب الفلسطيني في العالم، والاستفادة من التضامن الأممي الواسع مع الحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني.

إن سمات الإصلاح الوطني تقتضي السير نحو نظام سياسي ديمقراطي يقوم على انتخابات رئاسية وتشريعية حرة، باعتبارها المدخل الطبيعي لتجديد الشرعية الوطنية وتعزيز صمود الشعب.

عمران الخطيب

شاهد أيضاً

تحت رعاية وحضور رئيس الوزراء ، وزارة العمل تطلق المنصة الوطنية لمواءمة فرص العمل

تحت رعاية وحضور رئيس الوزراء ، وزارة العمل تطلق المنصة الوطنية لمواءمة فرص العمل

شفا – أكد رئيس الوزراء محمد مصطفى، أن الحكومة ماضية في بناء بيئة اقتصادية واجتماعية …