
ما هكذا ترد الابل يا معشر! بقلم : معروف الرفاعي
في الوقت الذي يعيش فيه الشعب الفلسطيني واحدة من أدقّ مراحله السياسية وأكثرها خطورة، خرج علينا السياسي الأردني مروان المعشر بتصريحات لا يمكن وصفها إلا بأنها غير واقعية، وغير مبنية على أي أساس علمي أو سياسي أو ميداني، حين ادّعى أن الرئيس محمود عباس “لا يمثل أحد”، وأن الاخ حسين الشيخ “لا ينال حتى 1٪ من أصوات الشعب الفلسطيني”.
هذه التصريحات، وإن حاولت أن ترتدي ثوب الجرأة السياسية، إلا أنها في الحقيقة تفتقر لأي منهجية في التحليل، وتبدو أقرب إلى إطلاق الأحكام المجانية، لا إلى تقييم سياسي مسؤول يصدر عن شخصية عملت يومًا في مواقع رسمية رفيعة.
أولاً: شرعية القيادة الفلسطينية ليست رأيًا شخصيًا، فالرئيس محمود عباس ليس زعيمًا عابرًا ليجري تقييمه عبر انطباعات شخصية، الرجل يمثل رأس الشرعية الفلسطينية وفق قرارات المجلس الوطني والشرعية الدولية ومنظمة التحرير الفلسطينية – الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
هل يمكن لشخص خبر العمل الدبلوماسي مثل المعشر أن يتجاهل هذه المسلمات؟ أم أن الرسالة المقصودة من التصويب الآن ليست بحثًا عن حقيقة بل محاولة للنيل من القيادة الفلسطينية في ظرف إقليمي هو الأخطر منذ عقود؟
ثانيًا: أين الدراسات والاستبيانات واستطلاعات الرأي؟!
يتحدث المعشر بثقة عن نسب شعبية وكأنه أجرى استفتاءً عامًا في الضفة وغزة، أو أنه طاف بالمخيمات والمدن الفلسطينية واستمع لمطالب الناس مباشرة.
الحقيقة أنه لم يحدث شيء من هذا.
لا استطلاع للرأي.
لا زيارة ميدانية.
لا تواصل مع القوى السياسية.
مجرد تصريحات إنشائية يريد أصحابها إيهام الجمهور بأنها تحليل عميق.
والسؤال البديهي:
كيف توصل المعشر إلى هذه النتائج المطلقة؟ على أي أرقام اعتمد؟
أم أنها مجرد رغبة في إثارة الجدل بعد سنوات من الغياب عن المشهد السياسي؟
ثالثًا: لماذا الآن؟ ولمصلحة من؟
تأتي تصريحات المعشر في وقت تتعرض فيه القيادة الفلسطينية لهجمة شرسة من أطراف عديدة في الإقليم والعالم، وفي وقت يسعى فيه الاحتلال إلى إعادة تشكيل المشهد الوطني الفلسطيني بما يخدم أجندته.
فهل اختار المعشر أن ينضمّ – ولو عن غير قصد – إلى هذا السيل من الأصوات التي تحاول إضعاف القيادة الوطنية وتجريدها من شرعيتها؟
ولماذا صمت لسنوات طويلة ثم اختار هذه اللحظة بالذات ليطل على المشهد من بوابة الطعن السياسي المجاني؟
رابعًا: أين سجلّك عندما كان التاريخ يُصنع؟
المعشر يتحدث وكأنه صاحب سجل كبير في خدمة القضية الفلسطينية، والحقيقة أن تجربته السياسية والدبلوماسية، بالمعايير المهنية، لم تقدّم لا للأردن ما يستحق الذكر، ولا لفلسطين ما يُذكر.
لم يكن في الصفوف الأمامية حين كان الفلسطينيون يخوضون معاركهم الدبلوماسية والحقوقية.
لم نره يومًا في مواجهة الاحتلال داخل المحافل الدولية.
لم يكن جزءًا من العمل الميداني أو السياسي الفلسطيني.
فكيف يسمح لنفسه اليوم أن ينصّب ذاته مقيّمًا لشرعية قيادة شعب يناضل منذ أكثر من سبعين عامًا؟
خامسًا: لماذا لم يرد أحد من القيادة؟
لأن الموقع لا ينحدر للرد على التعليقات، خصوصًا تلك التي لا تستند إلى قواعد سياسية حقيقية.
القيادة الفلسطينية أمام ملفات أكبر بكثير من الرد على تصريحات تبحث عن الضوء.
ومع ذلك، من حق الرأي العام الفلسطيني أن يسمع توضيحًا وتفنيدًا لما جاء في تصريحات المعشر، ليس لأن كلامه دقيق، بل لأن الصمت يمنحه حجمًا أكبر مما يستحق.
الشعب الفلسطيني ليس بحاجة لمن يقيّم قيادته من بعيد.
وليس بحاجة لمن يتحدث باسمه دون سند.
ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو تعزيز وحدتهم، دعم صمودهم، واحترام خياراتهم الوطنية، لا التشكيك في مؤسساتهم الشرعية في توقيت مشبوه سياسيًا.
وإذا كان المعشر يريد تقديم رؤية نقدية، فمرحّب بذلك ضمن سياق عقلاني ومسؤول.
أما إطلاق الأحكام من خارج السياق وبلا أدنى دليل… فهذا ليس نقدًا، بل محاولة غير موفقة للعودة إلى الأضواء.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .