10:33 مساءً / 23 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

بيان التاريخ الغاضب: صوت مؤرّخ عربي أمام خطاب الإبادة ، بقلم: د. وليد العريض

بيان التاريخ الغاضب: صوت مؤرّخ عربي أمام خطاب الإبادة ، بقلم: د. وليد العريض


بصفتي مؤرّخًا قرأ سجلات الإمبراطوريات،
وعرف كيف تبدأ المذابح… وكيف تنتهي
وأدرك أنّ أخطر الكلمات ليست التي تُقال في ساحات الحرب،
بل التي تُقال بربطة عنق وعلى منصّة رسمية—

أصدر هذا البيان ردًّا على الخطاب العنصري الذي نُسب لآييلت شاكيد،
الذي يدعو صراحة إلى قتل الأمهات الفلسطينيات وأطفالهن
بوصفهم “أفاعٍ” وأعداء بالفطرة.

هذه ليست زلّة لسان…
هذه صياغة إبادة جماعية
وإعلان سقوط أخلاقي وسياسي
وتذكيرٌ مرّ بأن العالم لم يتعلّم من تاريخه شيئًا.

يا أبناء فلسطين…
يا أبناء الأمة العربية…
ويا أبناء هذا العالم الذي ما يزال يبحث عن معنى الإنسانية:

إنّ التصريح الذي يعتبر الأمّ الفلسطينية “هدفًا مشروعًا للقتل”
ليس تصريحًا سياسيًا،
بل إعلان مبادئ كراهية مطلقة
لا تختلف في مضمونها عن كلّ الخطابات التي سبقت
مجازر التاريخ الكبرى—
من أرمينيا إلى البوسنة ومن رواندا إلى كل مكانٍ
ظنّ فيه الجلاد أن البشر درجات.

إن دعوة شاكيد لقتل الأمّ لأنها تُنجب
وتصفية الشعب لأنه مشكلة،
هي دعوة لإلغاء الإنسان من جذوره.
وكل خطابٍ يُسقِط إنسانًا واحدًا من دائرة الإنسانية
إنما يُسقِط العالمَ كله.

وإنني كمؤرّخ،
أقول للعالم بلا مواربة:
إن السكوت أمام خطاب الإبادة
مشاركة في الإبادة.
وإن العرب الذين يصمتون
ليسوا محايدين…
بل واقفون على حافة الخذلان.

ويا فلسطينيين…
اعلموا أنّ هذا الحقد الذي يستهدف أمّكم
ليس انتصارًا لعدوّكم،
بل اعترافٌ بكم:
بقدرتكم على البقاء
وبجذوركم التي لا تُنتزع
وبأمّكم التي تُربّي أطفالًا
لا يستطيع الاحتلال التغلّب على أرواحهم.

وأقول للعرب جميعًا:

إنّ التاريخ لا يحفظ أسماء المتصهينين
ولا يُخلّد الساكتين
ولا يُشيد بالمطبّعين.
إنّ التاريخ لا ينحني إلا لمن قال كلمة حقّ
حين صمت الجميع.

وأقول للعالم:

ليس المطلوب منكم أن تقاتلوا
بل أن تعترفوا بأن الإنسان—أي إنسان—
لا يُقتل لأنه وُلد.
وأن الدفاع عن الحقّ لا يحتاج شجاعةً خارقة…
بل يحتاج ضميرًا غير معطّل.

وخاتمتي:
إنّني كمؤرّخٍ عربي،
أحمل هذه الكلمات مسؤوليةً أخلاقية أمام الأجيال القادمة:

لن يُمحى شعبٌ له أمّ فلسطينية.
ولن تنهزم هوية يحملها طفلٌ وُلد تحت النار.
ولن يطول الزمن قبل أن يُحاسَب العالم—
لا على ما فعله،
بل على ما سمح بحدوثه.

أما فلسطين…
فهي ليست قضيةً تنتظر من ينصفها،
بل مرآةٌ يختبر فيها العالم إنسانيته.
فمن عرف نفسه… وقف معها.
ومن خذلها… خذل إنسانيته أولًا.

شاهد أيضاً

رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية الاستاذة أمل فرج تزور وزارة النقل والمواصلات

رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية الاستاذة أمل فرج تزور وزارة النقل والمواصلات

شفا – في إطار تعزيز التعاون المشترك، اجرت رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية معالي الاستاذة …