
غرقت غزة! ، بقلم : نصير أحمد الريماوي
أخيرا، هلَّ المطر، بعد غياب طال، انتظره، الشَّجر والإنسان والطير والحيوان والينابيع التي مات نزفها، وقلَّ إنسكاب وتدفق ماؤها، نتيجة إنحباس المطر خلال الموسم الدّابر، لدرجة أن وصل الحد إلى إصابة محصول الزيتون بالجَدب هذا الموسم، وعدم قدرة الشجرة على حماية ثمارها التي تهاوت عطشا في غير أوانها، كنت أراها كأنها تبكي حالها لجفاف بعض فروعها، وفقدها لثمارها بغير إرادتها، لم أشهد مثل هذا الموسم الفائت منذ سبعة وستين عاما خلت.
كم كان لقاؤنا بموسم الخير الحالي فَرِحَا ومُحزنا في آن واحد؟ لقد تلاقى قصف الطبيعة بالخير من ناحية، وقصف نيران الأعداء للمواطنين الأبرياء في خيام النزوح القسري في قطاع غزة من ناحية ثانية.
أين المفر؟ خيام رثة، متهالكة على رمال اجتاحتها، الفيضانات والسيول والرياح مزَّقت بعضها، والأمطارأغرقتها، وأغرقت من فيها، ولا أحطاب للتدفئة، وأضحى مليون ونصف نازح يعيشون في العراء تحت قصف نيران الاحتلال، وقصف الرعود وزخات المطر.
لقد غرقت النساء والأطفال، ولا أسمال تقيهم من برد الشتاء، وملابس مُبتلة ومفارش مغمورة، والرمال غائصة مشبعة غرقا، ولا مكان للنوم. الكل يرتجف، وترتعش الأجساد المُعذَّبة ليلا نهارا.. تسمع صُراخ الأطفال والأصوات المستغيثة، ونداءات الأمهات الدامعات، وعيون تنظر إلى السماء تتضرع إلى الله من اجل النجاة، والأدمع اللجين تجري على وجناتهم، منهمرة مثل إنهمار المطر، في الوقت الذي تفشّى فيه الإعرأض عن الاسناد، واستتار يد العون الحانية..
يشاهدوننا عبر شاشات التلفزة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكات الإنترنت، في مشاهد تقشعر منها الأبدان، ويتلذذون بأذيتنا، ويحلمون بالإجهاز علينا واختفائنا من على وجه الكُرة الأرضية.. صرنا قصة مشوِّقة لمشاهداتهم، يستمتعون بقهرنا وتشريدنا..
مطر خير وقهر في آن واحد، كنَّا نُصلِّي.. ننتظر بالدعاء والصبر، فصار المطر للبعض نعمة ورحمة، وللبعض الآخر نقمة وعذاب.. غرقت غزة وغرق ثوبها الطهور بالنعمة، وخيامها وأرضها، لا ملجأ إلا إلى الله، من يُدفِّئها ويحميها ويُظللها وينجيها من حقد الحاقدين وظلام الغاصبين الظالمين؟..
تَصوَّروا يا خلق الله كيف تنام الأسرة، من تحتها ماء، ومن فوقها ماء ونار القذائف وأزيز الرصاص، وبملابس غارقة، ولا تدفئة، وخيام غير صالحة للمأوى؟؟؟؟ ولا يفوتني ذكر حال الإخوة المُشردين في السودان.
قال تعالى: “ولا تحسبنَّ الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار”.صدق الله العظيم
14/11/2025م
ملاحظة:(13000) أسرة تاثرت بالأمطار والسيول التي هطلت منذ 14/11/2025م، و(93%) من إجمالي خيام النزوح لم تعد صالحة للمأوى، وأضحى مليون ونصف مواطن يعيشون في العراء في غزة هاشم، هذا تحد كبير نتيجة سياسات الاحتلال المانعة لدخول المساعدات.( مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية- أوتشا).
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .