شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
” التباس ” د. ميسون حنا – مرآة الرغبة بين السلطة والخطيئة ، بقلم : الناقد نضال الخليل
في قصة “التباس” لا يتحدث النص عن امرأةٍ أو رجلٍ بقدر ما يتحدث عن انقراض اللحظة الأولى تلك اللحظة التي يتوهم فيها الجسد أنه اكتشف معنى الروح
فالقصة تمضي مثل ومضةٍ على زجاجٍ مُعتِم كل ما فيها انعكاسٌ لعطشٍ لم يُسمَّ ورغبةٍ أكلت نفسها حتى الرماد
الكاتبة تمسك بمبضعها السردي لتجري عمليةً جراحية في منطقة الوعي الغريزي حيث الحب ليس سوى سوء تفاهمٍ بين الانكسار والسلطة
في البدء نظرةٌ تُربك النظام الأخلاقي للحصة الدراسية وفي النهاية نظرةٌ تبحث عن بديلٍ في طالبةٍ أخرى
الدائرة مغلقة والذنب يتناسل
ذلك “المدرّس” ليس رجلاً بل هو غريزة تتجول في قميصٍ نظيف
وتلك “الطالبة” ليست أنثى بل انعكاسٌ لضميرٍ يريد أن يُعاقَب برغبةٍ متخيلة حين توبَّخ تبدأ اللعبة: الألم يستدرج الرغبة والرغبة تستدرج الألم حتى يلتبسا في عقدٍ لا ينفصم
الكاتبة لا تُعلن موقفاً بل تترك الجريمة بلا شرطيٍّ يلاحقها وكأنها تقول:
- إن الحياة في مدارها اليوميّ ، هي سلسلة من “التباساتٍ مُشرَّعة”
فالعاشق هنا لا يحب إنه يبحث عن لحظةٍ يعيد فيها اعتراف الجسد بأن الخطيئة كانت يوماً طقوساً مقدسة
حين تنتقل البطلة إلى بيت الزوجية يتحوّل البريق إلى صدى
الدمعة الأولى تحجرت في المطبخ
الإناء يغلي والصغير يشد ثوبها والحنين القديم يتآكل في فمها مثل خبزٍ يابس
لقد صارت “الأمومة” هي العقوبة التي يفرضها القدر على “الفتنة القديمة” وصار “المدرّس” سجّاناً يبحث عن ذنبٍ جديد ليبرر استمرار سلطته
العنوان “التباس” ليس محض اختيارٍ لغوي لكنه هو بنية النصّ كلّها:
التباس بين الحبّ والاشتهاء، بين السلطة والرغبة، بين الإذلال واللذة.
القصة تشتغل على طبقةٍ نفسية كثيفة تجعل من اللغة نفسها مرآةً تتصدع: كل كلمة تومض بين المعنى ونقيضه، بين النشوة والخيبة.
إنها قصة قصيرة لكنها تفتح الباب على علم النفس الفرويديّ بملامح عربية حيث المعلم يخلط بين دوره المربّي ودوره الذكر والأنثى تتماهى بين التلميذة والزوجة، بين التلقي والتمرد وما بينهما يتكثف سؤال الكاتبة الخفي:
هل الحب فعل خلاص أم إعادة إنتاجٍ للهيمنة؟
في النهاية القصة تُنهي نفسها كما بدأت: - نظرة، توبيخ، رغبة وكأن الكاتبة تقول:
- الرغبة لا تموت إنها فقط تغيّر اسمها.
نضال الخليل
