9:25 مساءً / 23 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

لماذا القطار الجوي الأمريكي إلى « إسرائيل » ؟ ، بقلم : راسم عبيدات

لماذا القطار الجوي الأمريكي إلى « إسرائيل » ؟ ، بقلم : راسم عبيدات


يبدو القطار الجوي من القادة الأمريكيين إلى دولة الاحتلال شبيهاً بالقطار الجوي الذي شاهدناه في اليوم الثاني لمعركة السابع من أكتوبر/2023، حيث توافد قادة أمريكيون – سياسيون وعسكريون وأمنيون – إلى دولة الاحتلال، وشارك رئيسهم السابق جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن في اجتماعات «مجلس الحرب» الذي جرى تشكيله آنذاك، وأُعلن عن تولّي أمريكا مقود قيادة الحرب العسكرية والأمنية على قطاع غزة، وإقامة جسر جوي وبحري متواصلين إلى «إسرائيل»، التي بدت على حافة الانهيار، ولولا هذا الجسر الجوي والبحري، وباعتراف قادة «إسرائيل» أنفسهم، لكانت «إسرائيل» قد انهارت خلال ثلاثة أيام، حيث لأول مرة في تاريخ وجودها تواجه مثل هذا التهديد الوجودي.


ما يجري اليوم شبيه بما جرى في اليوم الثاني لمعركة السابع من أكتوبر/2023، فعلى ضوء الفشل العسكري «الإسرائيلي» في القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتحقيق أهداف الحرب بحدودها الدنيا – استعادة الأسرى دون مفاوضات مع المقاومة – وعدم القدرة على تدمير القدرات العسكرية والتسليحية للمقاومة وأنفاقها، وهو مطلب يتقدم على مطلب نزع سلاح المقاومة، ويحتل أولوية في المطالب الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك الفشل في تحقيق أهداف الحد الأقصى للاحتلال والحكم العسكري وإعادة الاستيطان والتهجير بواسطة التدمير، كان لا بُدّ من الذهاب إلى هدف جديد، الغرض منه الإخلال بالتوازن الديمغرافي في فلسطين التاريخية لصالح المستوطنين.


فـ «إسرائيل» أيضاً هنا تواجه أزمة وجودية وبمثابة كابوس كبير لها، وهي الهجرة العكسية من «إسرائيل» إلى خارجها، فحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن 25٪ من الإسرائيليين أبدوا استعدادهم للهجرة من «إسرائيل»، و6٪ غادروا بالفعل، ناهيك عن وجود نحو 2 مليون إسرائيلي يحملون الجنسية المزدوجة، منهم 400 ألف لا يردّون العودة.


اليوم، بعد الفشل العسكري «الإسرائيلي» في تحقيق أهداف الحرب الدنيا والقصوى، بات المطلوب محاصرة المقاومة سياسياً، كي يتمكنوا من تحقيق أهداف الحرب، وخاصّة ما يتعلق بهدف الانتداب الدولي «مجلس السلام العالمي». ولذا فإن هذا القطار الجوي من القادة الأمريكيين، الذين وصلوا ويصلون تباعاً إلى «إسرائيل»، يأتي في هذا السياق: من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وتولي الإدارة الأمريكية لقيادة هذا المشروع السياسي من الألف إلى الياء، ما يتعلق بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات والمعدات الثقيلة، وفتح المعابر، وإعادة الإعمار، واليوم التالي للقطاع، وتشكيل القوة، وإزالة الاعتراضات من قبل نتنياهو على المشاركة المصرية والقطرية والتركية في تلك القوة الدولية المنوي تشكيلها، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية «الإسرائيلية». ولذلك كان موقف نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فاينس في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس في تل أبيب واضحاً بأنه: «أي خرق لهذا الاتفاق، بحادثة هنا أو هناك، لا يعني بأن الاتفاق قد سقط» — فالهدف المطلوب تحقيقه كبير جداً، ويتجاوز قطاع غزة إلى المنطقة والإقليم.


وقبل التفصيل في جوهر المخطط والمشروع الجديد، رأينا كيف شارك ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، وصهره جاريد كوشنر، في اجتماع المجلس السياسي والأمني المصغّر («الكابينت») لتمرير خطة ترامب، واستعان نتنياهو ببني غانتس من المعارضة لتمريرها، في ظل رفض إيتامار بن غفير ويائير لابيد (أو ساموتريتش) لهذه الخطة، ما لم تتضمن نزع سلاح حماس.


وعلينا أن ندرك بأن تهديدات ترامب لحماس، والقول بأنها إذا خرقت الاتفاق فهناك حلفاء جاهزون للتدخل السريع والقضاء عليها بكل قوة ووحشية، تجعلنا متيقنين، رغم عدم المفاجأة، من مواقف وتصريحات هذا المخبول. فهذه الوقاحة والتماثل مع الموقف «الإسرائيلي»، عبر النّبرة العالية التي استخدمها في الحديث الموجه إلى قيادة حركة حماس، بمثابة غطاء ناري لمعركة تدور في مكان آخر، ونوع من الإرضاءِ لرئيس حكومة الاحتلال بنتنياهو، لقاء مطالبته بالتراجع عن تحفظاته على مشاركة مصر وتركيا وقطر في تشكيل القوة الدولية المطلوب أن تنتشر في غزة. بعدما كشفت زيارة نائب الرئيس الأميركي بوجود المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر، أن مهمة الوفد الأميركي المعزّز هي مكاشفة نتنياهو بأن عجزه عن إنهاء المقاومة عسكرياً يفرض عليه القبول بحصارها سياسياً، والسعي لإضعافها، وإن أمكن نزع سلاحها، وأن التحفظات التي يضعها على المشاركة التركية والمصرية والقطرية تطيل أمد سيطرة حماس واستعادة حضورها وبناء قوتها، وأن عليه تسهيل البدء بالمرحلة الثانية من خطة ترامب، بما فيها فتح المعابر وإدخال المساعدات والآليات الثقيلة، وتشكيل القوة الضامنة ومشاركة من تطمئن لهم حركة حماس ويستطيعون التحدث معها، تمهيداً لنشر شرطة فلسطينية تحت إشراف مصر، وتسليم حكومة من فلسطينيين تحت رعاية مصرية شؤون الحياة والخدمات والإدارة في غزة، لفتح الطريق للحديث السياسي عن مستقبل المنطقة ومعادلات التطبيع مقابل مسار سياسي تفاوضي مع السلطة الفلسطينية.


اللقاء الذي جمع نتنياهو برئيس المخابرات المصرية كان أحد نجاحات مهمة الوفد الأميركي، لكنه يبدو نجاحاً نسبياً حتى ليل أمس، حيث إن استعداد نتنياهو للتعاون لا يعني قبول انتشار قوات مصرية — يعترض نتنياهو على انتشارها في سيناء ويصعُب أن يقبل انتشارها في غزة — ومثلها القوات التركية التي لا يقبل بوجودها في سورية، فكيف يقبل بها في غزة؟ ومثلها قطر التي يعتبرها قوة دعم وإسناد لحركة حماس، ويتّهم أي قوات قطرية بحمل معدات وأموال لحماس.


فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الخميس 23 أكتوبر كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …