
هل اقترب حلم الدولة الفلسطينية ؟ بقلم : علاء عاشور
يبدو أن مشهد الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يدخل مرحلة جديدة بعد حرب غزة الأخيرة، حيث بدأت تتشكل معطيات سياسية ودبلوماسية مختلفة عمّا كان عليه الحال في السنوات الماضية.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم : هل اقترب حلم الدولة الفلسطينية من التحقق؟ أم أن الواقع سيظل يدور في حلقة مفرغة من الوعود والتأجيلات؟
إنّ قضية الشعب الفلسطيني لا تزال – رغم كل التحولات – قضية عادلة في جوهرها، قائمة على حق هذا الشعب في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. غير أن مسار الأحداث يظل مرهونًا بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، وبمدى استعداد الأطراف الفاعلة للتخلي عن منطق القوة لصالح منطق التسوية.
ما جرى في قمة شرم الشيخ الأخيرة أثار اهتمام المراقبين، إذ بدا أن الموقف الأمريكي يشهد تحولًا تدريجيًا في لهجته تجاه حل الدولتين، وربما في مقاربته العامة للصراع. فهل نحن أمام تغير حقيقي في السياسات الأمريكية، أم أن الأمر لا يتجاوز مجرد تكتيك دبلوماسي لامتصاص توترات ما بعد الحرب؟ سؤال مفتوح على الاحتمالين، لكنه يعكس وجود نقطة تحول محتملة تستحق التوقف عندها.
أما على الجانب الإسرائيلي، فإن صعود حكومة من يمين الوسط في الإنتخابات المقبلة قد يفتح نافذة ضيقة للحوار، شريطة أن تدرك هذه الحكومة أن الأمن الحقيقي لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط، بل بإعطاء الفلسطينيين أفقًا سياسيًا حقيقيًا. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من أن تستمر إسرائيل في إدارة الصراع بدل حله، وهو ما سيُبقي المنطقة رهينة الدوامة ذاتها.
من جهة أخرى، يلعب النظام العربي الرسمي دورًا مهمًا في إعادة تسويق فكرة حل الدولتين على الساحة الدولية، مستخدمًا أدواته الدبلوماسية وقوته الناعمة. وقد ظهر ذلك بوضوح في مؤتمر “حل الدولتين” الأخير، الذي نجح في إعادة إحياء الخطاب السياسي حول الدولة الفلسطينية، بعد أن كاد يتوارى تحت ركام الصراعات الإقليمية.
وفي ظل هذه التحولات، لا يمكن تجاهل ما قد يحمله الرئيس الأمريكي من كاريزما فشخصية دونالد ترامب – على ما فيها من جدل – أثبتت قدرتها على قلب المعادلات. ولعلّ المفارقة أن “الاستثناء الترامبي” قد يفتح مجددًا الباب أمام حلول غير تقليدية، ما يجعل المستحيل – سياسيًا – ممكنًا إذا وُظِّف الذكاء الدبلوماسي العربي بشكل فعّال.
إنّ المرحلة الراهنة قد تكون فرصة تاريخية لولادة الدولة الفلسطينية المستقلة، إذا أحسن العرب والفلسطينيون استثمار التوازنات الدولية الجديدة، وتوحيد خطابهم السياسي، وتقديم مشروع وطني جامع يلقى صدى عالميًا. فربما نكون هذه المرة أمام بداية معجزة سياسية طال انتظارها، لا مجرد فصل جديد من الأحلام المؤجلة.