
جريمةٌ كاملة … ، بقلم : سراب غانم
خفتُ كثيراً عندما رأيتُ الدِّماء تسيل من بين أصابع يدِي وتملأ المكان، رميتُ السِّكِّين بارتباك على الأرض ورحتُ أبحث بأنفاسٍ مرتجفة عن مكان لإخفاء تلك الجريمة اللعينة.
في الواقع، لم تكُن أوَّل مرَّة أحمل فيها سكّيناً، لكنّها المرّة الأولى التي بلغتُ فيها حدَّ القتل.
جثَّةٌ مقطّّعةٌ إلى أشلاء أمامي، لم تشفعْ لها صرخاتُها وتوسُّلاتها من طعنات سكّيني الحادّة. خوفُها والدَّم المتدفِّق بغزارة، كانا يشعرانني باللّذَّة ويخمدان بركاني المشتعل غيرةً وحقداً.
بكلّ ما أوتيت من غضب الأنثى المضطرب في داخلي، طعنةٌ على فخذها العاري المتوهِّج، وأخرى فوق صدرها المدوَّر الورديّ.
لم أكتفِ باستخدام السكّين، بل قمتُ بتمزيق أحشائها بكلتا يديَّ بوحشيّة صارخة، وأنا أتخيّل جسدَه العاري فوقها، وتأوّهاتها الملعونة تخنق بضبابها أنفاسي.
يدٌ هنا، ويد هناك، صدر مجزّأ، أحشاء مفرَّغة، ودمٌ يلوّن المكان.
نعم.. أشعر الآن أنّي بحالٍ أفضل.
جلستُ على الأرض في الزاوية، أتأمّل المجزرة التي ارتكبتُها بخبثٍ كئيب، أشعلتُ سيجارة بعد أن غطَّيت أصابعي التي تنزف بمناديل ورقية كانت أمامي. بدأتُ أعدُّ خيباتي غيمةً غيمة، أتذكَّر نصائح صديقتي المتكرّرة حول الحفاظ على بيتي و أسرتي، وأنّ ما يحدث دائماً ليس إلَّا نزواتٍ عابرة.
مع آخر نفَسٍ من سيجارتي استشعرتُ طعم الدّم على فمي فتذكّرتُ الجثّة، آه! يجب أن أخفي آثار الجريمة الآن.
هرعتُ لتنظيف المكان من الدماء بسرعة، لملمتُ أجزاء الجثّة، وضعتُها على الرَّفِّ كيفما تيسّر ريثما أنتهي من تنظيف الأرض أوّلاً.
نظرتُ إلى ساعة الحائط المعلّقة أمامي.. يا إلهي! يجب أن أسرع، لم يبقَ وقت طويل لقدومه.
مسحتُ دموعي التي انهالت على وجهي الشاحب وأنا أفكّرُ بكبريائي الّذي جُرِحَ وأنوثتي الّتي طُعِنَتْ. لبستُ قناع الابتسامة وعدتُ إلى أجزاء الدجاجة المقطّعة، التي لطالما تمنّيتُ لو أنّها جسد تلك المرأة لأقدّمه قرباناً لقلبي الممزّق، بدلاً من طبق الدجاج المحمّر هذا.
من مجموعتي القصصيّة ربطة شعر
جائزة الشارقة للإبداع العربي
و الرسمة أيضًا بقلمي
