
الصين والولايات المتحدة ، سباق النفوذ في الشرق الأوسط وانعكاساته على غزة ، بقلم : علاء عاشور
يشهد الشرق الأوسط اليوم تحوّلًا ملحوظًا في موازين القوى، مع تصاعد الدور الصيني في المنطقة وانخراطها في ملفات حساسة ذات طابع استراتيجي. ويبرز هذا الدور في ظل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين السعودية وباكستان، الحليف الإستراتيجي لبكين، والتي تُقرأ بوصفها خطوة قد تحمل بصمات صينية واضحة لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية بما يخدم مصالحها الحيوية.
تعتمد الصين في مقاربتها للمنطقة على دوافع اقتصادية بالدرجة الأولى، إذ تُعدّ من كبار مشتري النفط العربي، كما تُغدق الأسواق الإقليمية بمنتجاتها وتستثمر في البنية التحتية والطاقة. ولذا فهي تسعى إلى تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في الشرق الأوسط للحفاظ على تدفق مصالحها بسلاسة. غير أنّ هذه الاعتبارات الاقتصادية لا تنفصل عن البُعد الجيوسياسي الأوسع، إذ تعمل بكين على ترسيخ موطئ قدم ثابت في مواجهة النفوذ الأمريكي ضمن سباق قيادة النظام الدولي.
في المقابل، تبدو الخطة الأمريكية بشأن غزة أقرب إلى ردّ فعل على شبكة التحالفات الجديدة التي تتشكل في المنطقة. فإدارة ترامب – المعروفة بتركيزها على المصالح التجارية والاقتصادية – حرصت على تحصين علاقاتها مع دول الخليج والعالم العربي والإسلامي. ومع موجة الاعترافات الأوروبية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، وجد البيت الأبيض نفسه أمام واقع إقليمي ودولي متغيّر يفرض إعادة النظر في سياسته تجاه الصراع العربي–الإسرائيلي، بما في ذلك الحرب الدائرة في غزة.
إن تلاقي هذه العوامل – من صعود الدور الصيني واتساع التحالفات الآسيوية–العربية، إلى تحركات أوروبية داعمة لحقوق الفلسطينيين – يفتح الباب أمام تحولات محتملة في موقف واشنطن من الملف الفلسطيني. وربما يشكّل ذلك فرصة حقيقية لإعادة إطلاق مسار سياسي أكثر توازنًا يفضي إلى تخفيف المعاناة في غزة، ويعيد ترتيب أولويات القوى الكبرى بما يضمن قدرًا من الاستقرار الإقليمي.