12:39 صباحًا / 27 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

كن صادقًا مع نفسك أولًا لتستطيع أن تكون صادقًا مع غيرك بقلم: رانية مرجية

كن صادقًا مع نفسك أولًا لتستطيع أن تكون صادقًا مع غيرك بقلم: رانية مرجية

الصدق مع الذات: البدايات التي نصنع منها المعنى

لا يولد الصدق مع الآخرين من فراغ، بل يتغذّى من جذوره العميقة في داخلنا. كثيرون يحاولون أن يعيشوا حياتهم وفق ما يرضي المجتمع أو يلبي التوقعات، فينتهون إلى أقنعة ثقيلة تخنقهم قبل أن تخدع غيرهم. إن أول خطوة نحو الحرية الداخلية هي أن نعترف بما نحن عليه حقًا، بعيدًا عن المثالية الزائفة والادعاء.

الصدق مع النفس ليس حالة مثالية، بل مواجهة شجاعة مع هشاشتنا، مخاوفنا، ورغباتنا المخبأة. حين نجرؤ على النظر في أعماقنا بلا خوف، نتوقف عن التمثيل، ونتصالح مع عيوبنا كما مع نقاط قوتنا.

لماذا نخاف من الصدق مع أنفسنا؟

يظن البعض أن مواجهة الذات تعني الهزيمة أو الضعف، لكنها في حقيقتها فعل قوة. نحن نخاف لأننا اعتدنا أن نقيس قيمتنا من خلال أعين الآخرين. نخاف من الاعتراف بالفشل، أو الرغبات التي قد تُحكم بأنها غير مقبولة، أو من جراحٍ لم نُداوها بعد.
لكن الحقيقة البسيطة أن إنكار الذات يضعنا في سجنٍ أبدي، بينما الاعتراف بها ـ بحقيقتها كاملة ـ يحررنا من الداخل.

الصدق مع الذات أساس للصدق مع الآخرين

كيف يمكن أن أكون صادقًا معك إذا كنت أنا نفسي أخدعني؟
من يعيش وفق قناع، ينقل هذا القناع للآخرين أيضًا. أما من يواجه نفسه، فيتعلم أن يواجه العالم بذات الصفاء.
الصدق مع النفس يولّد ثقة حقيقية، وهذه الثقة تمتد كجسر يربطنا بالآخرين. فالكلمة الصادقة لا تحتاج إلى تزييف ولا إلى أقنعة، بل تحمل في بساطتها قوة لا يقدر عليها أي خطاب مزيف.

البعد النفسي والوجداني

من الناحية النفسية، إنكار الذات يقود إلى صراع داخلي مزمن: توتر، قلق، وإحساس دائم بالاغتراب. بينما الصدق مع النفس يفتح باب التوازن الداخلي، ويمنحنا شعورًا عميقًا بالسلام.
ومن الناحية الوجدانية، فإن من يعرف نفسه حقًا يستطيع أن يحب الآخرين بلا شروط. فالذي يجرؤ على احتضان ضعفه، سيجرؤ أيضًا على احتضان ضعف الآخرين.

فلسفة الصدق: الحرية من الوهم

في جوهره، الصدق ليس مجرد قيمة أخلاقية بل فلسفة حياة. أن تكون صادقًا مع نفسك يعني أن تتحرر من أوهام الصورة التي رسمها لك الآخرون، أن تختار أن تكون أنت حتى لو لم يصفق لك أحد. الحرية الحقيقية لا تبدأ حين نكسر قيود الخارج، بل حين نكسر قيود الأكاذيب التي نهمس بها لأنفسنا كل يوم.

خاتمة: نحو إنسان أكثر امتلاءً

كن صادقًا مع نفسك أولًا، وستكتشف أنك لم تخسر شيئًا سوى القيود، ولم تربح شيئًا أعظم من سلامك الداخلي. ومن هذا السلام ينبع الصدق مع الآخرين، صادقًا، شفافًا، إنسانيًا.
فالصدق ليس عبئًا، بل هو الباب الوحيد نحو حياة أصيلة تُعاش بكاملها، بلا أقنعة، وبلا خوف

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تحتجز نحو 100 مواطن في قرية راس كركر غرب رام الله

قوات الاحتلال تحتجز نحو 100 مواطن في قرية راس كركر غرب رام الله

شفا – تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الجمعة، احتجاز نحو 100 مواطن على مدخل قرية …