10:31 مساءً / 22 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

قرارات عزل وضم قرى شمال غرب القدس ، مقدمة لقرارات أوسع وأشمل ، بقلم : راسم عبيدات

قرارات عزل وضم قرى شمال غرب القدس: مقدمة لقرارات أوسع وأشمل ، بقلم : راسم عبيدات

القرارات التي اتخذتها حكومة الاحتلال بحق قرى بيت أكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة، الواقعة شمال غرب مدينة القدس، والمتضمنة تطبيق الحكم العسكري الذي كان سائداً على أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني ـ 48 ـ بعد النكبة، حيث فُرض عليهم الحكم العسكري الذي كان يمنعهم من الحركة والتنقل والعمل، إلا بتصاريح خاصة من الحاكم العسكري. وهذا القرار بحق تلك القرى الثلاثة شبيه بهذا القرار؛ فهذه القرى الثلاثة بالأصل يحيطها الاحتلال بجدار الفصل والتوسع العنصري والبوابات والحواجز العسكرية التي تمنعهم من التنقل والتمدد الجغرافي، وحتى أنهم ممنوعون من إدخال أي مواد متعلقة بالبناء بدون تصاريح خاصة، ولا يسمح لهم بالبناء.

هذا القرار لم يأتِ فقط لتعميق العزلة والحد من الحركة والسيطرة على الأرض، بل جاء لكي يُجري اقتلاعاً وطرداً وتهجيراً لسكان تلك القرى الثلاثة؛ فهو يحدد وضع سكان تلك القرى كمقيمين مؤقتين وليس مالكين لأرضهم. كذلك سيُجبر السكان على الحصول على تصاريح خاصة وإصدار بطاقات مُمغنطة من الحاجز العسكري الرئيسي على مدخل تلك القرى، حاجز الجيب، “جفعات زئيف”، وهذا يعني أن هناك تداعيات خطيرة ستكون على سكان تلك القرى من جهة الحركة والتنقل والعمل والتعليم والصحة وبقية مناحي حياة السكان.

فإصدار التصاريح، عدا أنه سيخضع لمزاجية ضباط الاحتلال وما يعرف بالمنع الأمني، فالهدف الأبعد هنا هو تفريغ محيط وضواحي مدينة القدس من سكانها العرب، لصالح المستوطنين والبؤر الاستيطانية والمستوطنات، التي ستقيم حزاماً استيطانياً متواصلاً من مجمع “معاليه أدوميم”، الذي سيتم بناء 3400 وحدة استيطانية فيه في المنطقة المسماة (E1)، والتي تُفصِل شمال الضفة عن جنوبها. كما أنها تُغلق البوابة الشرقية لمدينة القدس، وتعزل القدس جغرافياً وديموغرافياً عن محيطها الفلسطيني.

ضمن هذا المشروع والمخطط، جرى مصادرة 1040 دونماً من أراضٍ عناتا وحزما والعيساوية، بغرض إيجاد موقف لسيارات وحافلات المستوطنين وتوسيع الطرق الاستيطانية.

الحزام الاستيطاني الممتد من جنوب شرق القدس وحتى شمال غربها يعني تفريغاً كاملاً للمنطقة من سكانها العرب، ضمن ما يُعرف بـ “القدس الكبرى”، والتي ستكون مساحتها 10٪ من مساحة الضفة الغربية، على غرار مشروع ما يُعرف “إسرائيل الكبرى”، التي تضم كامل فلسطين التاريخية وأجزاء من الأراضي الأردنية والسورية واللبنانية والعراقية وصولاً إلى مصر والسعودية.

القرى الثلاثة مصنَّفة وفق تقسيمات كارثة أوسلو المستنسخة من اتفاقية “كامب ديفيد” بين مصر ودولة الاحتلال، في معازل ألف وباء وجيم. تلك القرى مصنَّف جزء منها منطقة (باء) وهي تخضع للإشراف الإداري للسلطة الفلسطينية ولديها مجالس قروية تابعة لها، وأجزاء أخرى منها تقع ضمن منطقة (جيم).

هذا القرار يعني إنهاء المسؤولية الإدارية للسلطة الفلسطينية عن تلك القرى، ومنع السلطة من ممارسة أي دور إداري فيها.

وللتذكير، هذا القرار طُبّق على قرية النعمان، جنوب شرق مدينة القدس، بالقرب من حاجز “مزموريا”، حيث يُمنَع الدخول إلى تلك القرية، البالغ عدد سكانها 125 فرداً وعدد منازلها 45 منزلاً، إلا بتصريح خاص. ومن لا يحمل هوية يُثبت فيها عنوان الشخص “قرية النعمان”، حتى لو كان من الدرجة الأولى، أو متزوجاً من تلك القرية، يُمنع من الدخول إليها.

الاحتلال مؤخَّراً جَدَّد أوامر الهدم بحق منازل تلك القرية، والتي هي موجودة قبل حرب عام 1967، من أجل السيطرة عليها بعد طرد وتهجير سكانها، لغرض توسيع مستعمرة “هارحوماه”، جبل أبو غنيم.

الحصول على التصاريح الخاصة والبطاقات المُمغنطة، وتقيد حرية التنقل والعمل والدخول والخروج من تلك القرى، ومنعهم من البناء والتوسع والتمدد العمراني، سيقود إلى تناقص تدريجي في عدد السكان، وهذا بالملموس يعني هجرة سكانها منها.

الضم والتهويد الزاحف بشكل متسارع نحو الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس، الذي نرى تجلياته ليس فقط في زيادة عدد البؤر الاستيطانية والمستوطنات، أو في الحرب العدوانية الشاملة التي يشنها مستوطِنُ بن غفير وسموتريتش على مدن وبلدات وقرى ومخيمات شعبنا بشكل يومي، بل نشهد عملية “خنق” ممنهجة للسكان، من أجل تدمير حياتهم، وما سيكون له من تداعيات خطيرة على واقعهم الاقتصادي والنفسي والاجتماعي، عبر وضع بوَّابات على مداخل القرى والبلدات الفلسطينية وإحاطتها بالحواجز العسكرية؛ حيث باتت أكثر من 88 بوابة على مداخل مدينة القدس، وأكثر من ألف بوابة وحاجز في الضفة الغربية.

وهنا تأتي الأهداف الأبعد لمثل هذه المشاريع والمخططات الاستعمارية، في مقدمتها منع تشكّل أي كيانية فلسطينية تقود إلى دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس، وكذلك منع تشكّل حشود بشرية شعبية وجماهيرية تتصدّى لمثل هذه المشاريع والمخططات، والتي قد تنفجر على خلفية تلك المخططات والمشاريع. ولعل الاحتلال، بعقليته الاستعمارية، استفاد من هبة البوَّابات الإلكترونية على بوابات الأقصى تموز 2017، والانتفاضة الشعبية الأولى – انتفاضة الحجر أواخر كانون أول 1987 وبداية كانون ثاني 1988، حيث نجحت الحشود الشعبية والجماهيرية في إفشال مشاريع ومخططات الاحتلال لفرض وقائع جديدة في الأقصى والقدس والضفة.

نحن اليوم في ظل حكومة يمينية صهيونية متطرفة، مسكونة بهوس خرافات وتعاويذ تلمودية وتوراتية، يسيطر عليها الجيل الخامس من المستوطنين بخلفية دينية تلمودية وتوراتية، يغلقون الباب أمام أي حل سياسي، ولا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني، ولا يرون في هذا الوجود، سواء كان مقاومًا أو مطبّعًا أو منسّقًا أمنياً معهم، إلا خارج أرض فلسطين. ولذلك بات من الضروري والملح أن نرتقي جميعاً إلى مستوى التحديات والمخاطر المحدقة بشعبنا وقضيتنا، المطلوب هو تصفية المخاطر من كل جوانبها، أمريكياًً قبل “إسرائيلياً”، بتعزيز صمودنا ووحدتنا والتشبّث بالبقاء على أرضنا؛ فالخطر جديّ وداهم ويستهدف الجميع.

فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

وزير الدفاع الصيني دونغ جيون

وزير الدفاع الصيني دونغ جيون يلتقي وفدا من مجلس النواب الأمريكي

شفا – التقى وزير الدفاع الصيني دونغ جيون اليوم الاثنين في بكين، وفدا من مجلس …