11:28 صباحًا / 20 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

سوبر أسبرطة أم سوبر فوضى ؟ كيف يقود نتنياهو إسرائيل نحو الانهيار ، بقلم : المهندس غسان جابر

سوبر أسبرطة أم سوبر فوضى ؟ كيف يقود نتنياهو إسرائيل نحو الانهيار ، بقلم : المهندس غسان جابر

هناك لحظات في التاريخ تُعرّي القادة قبل أن تكشف الدول. بنيامين نتنياهو، وهو يعلن أن إسرائيل “سوبر أسبرطة”، لم يدرك أنه يضع بلاده في المقارنة الأكثر قسوة مع التاريخ: دولة تُحوَّل إلى ثكنة، ثم تُترَك لقدرها.

أسبرطة : الحلم الذي ينقلب لعنة

أسبرطة في التاريخ لم تكن دولة بالمعنى الحضاري، بل كانت معسكرًا. رجالها محاربون من المهد إلى اللحد، لكنهم في النهاية لم ينجزوا حضارة، ولم يتركوا أثرًا إلا الحروب. انتهوا إلى الفناء، بينما بقيت أثينا بجمالها وفلسفتها.

حين يقول نتنياهو “سوبر أسبرطة”، فإنه يكشف لا عن قوة إسرائيل، بل عن ضعفها العميق: دولة محاطة بالأسوار، تعتمد على السيف وحده، وتفتقد مشروعًا إنسانيًا أو سياسيًا يتجاوز العسكرة. إنها ليست دولة طبيعية، بل مجتمع متوتر، يلتهم نفسه تحت شعارات القوة.

المليشيات : فخ التاريخ يعاد

حين يعجز السيف، يبدأ الحاكم في استدعاء المليشيات. إسرائيل اليوم تكرر ما فعلته في جنوب لبنان مع “جيش لحد”، وما فعلته الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.

المنطق بسيط: الاحتلال يريد أن يخفف خسائره البشرية، فيعهد بالمهام القذرة إلى أبناء المنطقة. لكن النتيجة دائمًا واحدة:

المليشيا تبدأ كأداة، ثم تتحول إلى عبء.

تنشأ كقوة محلية، ثم تنقلب على مشغّلها.

تصنع وهمًا بالسيطرة، ثم تترك وراءها فوضى بلا أفق.

غزة ليست استثناءً. أي مليشيا قد تنشأ ستجد نفسها معزولة عن مجتمعها، مطاردة من المقاومة، وعاجزة عن حماية نفسها فضلًا عن الاحتلال.

إسرائيل بين أسبرطة ولبنان

ما جرى في جنوب لبنان يتكرر اليوم في غزة: احتلال عسكري، محاولة صناعة وكلاء محليين، ثم مواجهة مع مقاومة لا تهدأ.


لكن الفارق أن لبنان كان ساحة خارجية لإسرائيل، بينما غزة هي قلب الصراع الفلسطيني. أي هزيمة هناك ليست مجرد انسحاب، بل اعتراف بفشل المشروع الصهيوني نفسه.

وفي الداخل، المشهد لا يقل خطورة:

المجتمع الإسرائيلي يتفتت إلى قبائل و”كانتونات”.

الاقتصاد يعاني رغم الغاز.

السياسة أسيرة رجل واحد يهرب من المحاكمة بالحرب.

إسرائيل التي أرادها بن غوريون “دولة طبيعية” تتحول في عهد نتنياهو إلى نسخة حديثة من أسبرطة: قوية عسكريًا، ضعيفة سياسيًا، معزولة أخلاقيًا، ومهددة بالانهيار.

حكمة للتاريخ :

نقول التاريخ لا يرحم من يكرر أخطاءه. نتنياهو يظن أنه يصنع “سوبر أسبرطة”، بينما هو في الحقيقة يعيد إنتاج “سوبر فوضى”.


المليشيات لن تنقذه، العقارات لن تبرر الدماء، والقوة العارية لن تصمد أمام حقائق الأرض والناس.

ولعل الدرس الذي يجب أن يُقرأ بوضوح:


“من يختار أن يكون أسبرطة، عليه أن يقبل أن يلقى مصير أسبرطة: قوة بلا حضارة، سيف بلا عقل، ونهاية بلا أثر إلا كتحذير في كتب التاريخ.”

  • – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

الاحتلال يغلق مداخل يعبد بالسواتر الترابية ويجرف شوارع رئيسية

الاحتلال يغلق مداخل يعبد بالسواتر الترابية ويجرف شوارع رئيسية

شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، بلدة يعبد جنوب جنين، وجرفت عدة …