
اللطف … رسالة حب للإنسان ، كيف ينقذ اللطف أرواحًا من حافة الانكسار ؟ بقلم : رانية مرجية
في زمنٍ يزداد فيه الضجيج، وتعلو فيه الأصوات الخشنة على أنين الأرواح، نحتاج أن نتوقف قليلًا، لنصغي إلى القوة التي أهملها الكثيرون: قوة اللطف.
اللطف… الوجه الخفي للقوة
قد يظن البعض أن القوة هي في السيطرة، في فرض الرأي، في الصلابة التي لا تنكسر. لكن القوة الحقيقية هي أن تمتلك قلبًا رقيقًا في عالمٍ يتقن القسوة، أن تبتسم في وجه الغريب، أن تضع يدك على كتف متعب وتقول له: “لستَ وحدك.”
اللطف هنا ليس ضعفًا، بل بطولة صامتة، مقاومة ناعمة ضد هذا الخراب الذي يحاصرنا.
اللطف كإنقاذ للحياة
كم من روحٍ كانت على شفير الانكسار، فأنقذتها كلمة لطيفة؟ كم من إنسانٍ وجد في نظرة حانية ما لم يجده في ألف دواء؟
إن اللطف هو ما يجعلنا نشعر أن العالم، رغم ظلامه، لا يزال يملك شرفًا خفيًا، وأن الإنسان، مهما ضاع، يمكن أن يعود.
اللطف مرآة الروح الناضجة
أن تكون لطيفًا لا يعني أنك ساذج، بل يعني أنك عميق بما يكفي لترى الآخرين. ترى تعبهم، ضعفهم، خوفهم، وتمنحهم شيئًا من نورك.
اللطف هو أن تتجاوز حدود “أنا” الضيقة لتسكن في قلب “نحن”. وهو بهذا، ليس مجاملةً عابرة، بل لغة روحية، لغة أرقى من كل الحروف.
في هذا الزمن بالذات
اليوم، في زمن الوحدة والعزلة، في زمن كثرت فيه الجدران بين القلوب، يصبح اللطف ليس خيارًا تجميليًا بل ضرورة وجودية.
إنه الهواء النقي في صدرٍ يختنق، وهو الضوء الذي يضيء عتمة إنسانٍ لم يعد يرى معنى للحياة.
خاتمة: العالم بحاجة إلى قلوبنا
فلنمنح بعضنا بعضًا هذا الدواء السهل الممتنع: ابتسامة صادقة، كلمة محبة، لمسة دفء.
فالعالم لا يحتاج إلى مزيد من الصراخ، بل إلى مزيد من الأيدي التي تُربّت على أكتافنا.
اللطف ليس ترفًا، بل هو رسالة حب خالدة تقول:
“أنا أراك… أنا أشعر بك… أنت لست وحدك.”
وحين نُتقن فنّ اللطف، نُدرك أن الإنسان لا يزال قادرًا على إنقاذ نفسه بنفسه، وأن الحياة، رغم قسوتها، قادرة أن تكون أجمل ما دُمنا نُحسن أن نكون لطفاء.
اللطف هو الثورة الصامتة التي تعيد للإنسان إنسانيته.