12:38 صباحًا / 8 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

حلم الحصار المفتوح ، والطعام الذي جاع أكثر من الجوعى ، بقلم : وليد العريض

حلم الحصار المفتوح ، والطعام الذي جاع أكثر من الجوعى ، بقلم : وليد العريض

رأيتُ في المنام أنّ الحصار انتهى فجأة. لم يكن بفعل صاروخ ولا قرار دولي، بل بسبب خطأ إداري في قسم إدارة الأقفال. المسؤول هناك نسي كلمة السر، فضغط زرًّا أحمرًا كان مكتوبًا عليه: لا تضغط هنا أبدًا.

انفتحت البوابات وتدفّقت الشاحنات، لا لم تتدفّق، بل وصلت متثاقلة كأنها تعرف أن وصولها ليس نهاية المعاناة، بل بداية عرض مسرحي جديد.

في مقدّمة الركب شاحنة عملاقة مغطاة بلافتة تقول:

هدية إنسانية: الغذاء مقابل الابتسامة أمام الكاميرا.

خلفها شاحنة أخرى كتب عليها:

المعكرونة برعاية وزارة التبرعات المشروطة،
وفوقها عُلّق مكبّر صوت يردد إعلانًا بصوت رخيم:
يرجى أكلها ببطء حتى تبقى الصورة صالحة للاستخدام الإعلامي لأطول مدة ممكنة.

الحوار بدأ قبل أن تفرغ الشاحنات:

الجائع الأول:
هل جلبتم الخبز؟

الموظف الأممي: الخبز لم يصل بعد لكن لدينا كتابًا ملوّنًا عن أهمية الصبر.

الجائع الثاني: وماذا عن الحليب للأطفال؟

الموظف: بديل الحليب موجود بنكهة الفانيلا السياسية.

عجوز متهالك: أريد ماءً.
الموظف مبتسمًا: لدينا صور جميلة لزجاجات الماء يمكنك النظر إليها حتى يزول العطش.

ضحكتُ لا لأن الموقف مضحك، بل لأن الضحك كان الخيار الوحيد قبل أن أختنق.
الجوعى تجمعوا حول الشاحنات مثل الحروف حول نقطة النهاية لكن السائق أخرج ورقة طويلة وبدأ يقرأ:

وفقًا للبروتوكول الجديد، يجب عليكم التوقيع على تعهّد بعدم استخدام الطعام لأغراض سياسية أو شعارات احتجاجية أو محاولة طهيه بطريقة تدلّ على الاكتفاء.

عندها وقف أحد الأطفال، نظر في الكاميرا مباشرة وقال:

لا تقلقوا سنأكل ونحن نعتذر.

وكنتُ أنا في الحلم أصفق لهذا الطفل، لكنّي شعرت أن يدي مقيدتان بملفّ ضخم اسمه: قائمة الانتظار.

استيقظتُ على ضجيج نشرة الأخبار، حيث المذيع يقول بصوتٍ احتفالي:

تم فك الحصار اليوم ووصلت المساعدات إلى المحتاجين بنجاح باهر.

لكن في خلفية الصورة كانت الشاحنات نفسها تعود أدراجها وهي ممتلئة بالطعام الذي لم يجد وقتًا ليتعرف على الجوعى.

شاهد أيضاً

بيان صادر عن اللجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني

شفا – عقدت اللجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، اجتماعها الأول في مقر اللجنة التنفيذية …