7:41 مساءً / 7 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

“من خيمة إلى منبر ، حين تتسع الأرض لصوت الصحافة في غزة” ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

“من خيمة إلى منبر: حين تتسع الأرض لصوت الصحافة في غزة” ، بقلم : الصحفي سامح الجدي


في قطاع غزة، حيث تُقصف الأبراج وتُهدم البيوت، يبقى للصحافة مكان. ليس في ناطحات السحاب، بل تحت خيمة. هكذا قرّرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وبإشراف ودعم الاتحاد الدولي للصحفيين، أن لا تنتظر إعادة الإعمار، ولا أن تؤجل رسالتها إلى حين بناء المقرات. فبادرت، وأقامت “مركز التضامن الإعلامي” من خيامٍ بيضاء، نُصبت على أرضٍ ما زالت تحمل آثار الحرب، لكنها تنبض بالحياة والمقاومة.


ليست الخيمة ضعفًا، بل موقف. هي تصريح علني بأن الصحافة ستبقى حاضرة حتى لو لم يبقَ سقفٌ فوق رأس أحد. وكما يقاتل المقاوم في الخندق، يقف الصحفي في الخيمة، يجابه التعتيم، يوثّق المأساة، ويُشهر عدسته في وجه التجاهل.


هذا المركز، رغم بساطته الشكلية، يُقدّم للصحفيين خدمات حيوية في ظل الانهيار العام للبنية التحتية: كهرباء مستمرة، اتصال بالإنترنت، ومساحات عمل مشتركة تتيح للصحفيين التحرير والبث وإنتاج المواد الميدانية من قلب الواقع، حيث لا يُسمع إلا صوت الألم، ولا يُكتب إلا من تحت الركام.


“لسنا بحاجة إلى جدران فارهة، بل إلى مساحات صادقة”، هكذا قال أحد الصحفيين وهو يربط لوحةً كتب عليها: “الصحافة ليست رفاهية.. بل ضرورة.” وأضاف آخر وهو يجلس تحت الخيمة ليبدأ عمله: “نحتاج فقط إلى إنترنت، طاولة، وبعض الضوء… أما الروح، فهي مشتعلة فينا منذ أول شهيد صحفي.”


الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي أشرف على إقامة هذا المركز ومول إنشاءه، لم يكتفِ بالبيانات التضامنية، بل ترجم موقفه إلى فعلٍ ملموس، جعل من هذه الخيام بقعة مقاومة مهنية، ومن هذا المخيم المؤقت مركزًا حقيقيًا للدعم، والتضامن، والتمكين الصحفي في واحدة من أكثر مناطق العالم صعوبةً للعمل الإعلامي.


هكذا، وسط الحصار والعدوان والانقطاع، تُضاء خيمة، ويُفتتح منبر. وهكذا تكتب غزة فصلاً جديدًا من حكاية الصحافة، التي لا تموت… بل تعود في كل مرة، بخيمة، بكلمة، وبقلب لا يعرف التراجع.

شاهد أيضاً

الأمن الوطني يختتم دورة تدريبية متخصصة في "صحافة الموبايل" في محافظة نابلس.

الأمن الوطني يختتم دورة تدريبية متخصصة في “صحافة الموبايل” في محافظة نابلس.

شفا – نظم الأمن الوطني الفلسطيني بالشراكة مع مؤسسة حماة الفتح وإقليم فتح – نابلس، …