
البُعدُ أجمَل ، بقلم: رانية مرجية
أدرتُ ظهري للوجوهِ التي
تعشقُ المِرآةَ أكثرَ من الحياةْ،
للقلوبِ التي إن رأتْ ظلّي
ظنّتْهُ قوسًا تلتقطُ به ضوءَ المجدِ والمرايا…
فمضيتُ
كأنّي آخر الناجين من طاعونِ “أنا”،
وكأنّ المسيرَ على شوكِ البُعدِ
أشهى من النومِ على صدورٍ
لا تعرفُ العطاءَ إلا إذا كان صدى صوتهَا.
كانوا يمتصّون النور من عينيّ،
يضعونهُ في كؤوسهم
ويقولون لي:
“ما أبهى ضياؤكِ حين تُضيئين لنا طريقَ الكبرياء!”
يا لحُمقِ التواطؤِ مع مَن
يَكسِرونكَ ليصنعوا من شظاياكَ
لوحاتٍ يُعلّقونها في قاعاتِ الغرور!
أيقنتُ
أنّ النجاةَ لا تُهدى،
وأنّ السلامَ لا يُولَدُ في ضجيجِ
من لا يسمعون إلا صدى صوتِهم،
ولا يرَون فيكَ إلا مرآةً تُجمّلُ ندوبَهم.
فامتنعتُ عن المجاملةِ كما يمتنعُ الجرحُ عن الكتمان،
واخترتُ الرحيلَ، لا خوفًا،
بل توقًا إلى حياةٍ لا يُسرَقُ فيها الضوءُ من صدري.
هأنذا،
أحيا بين الكتبِ، والمطرِ، وظلالِ الأشجار،
أصادقُ المدى، وأرسمُ وجهي من جديد،
لا ليكونَ جميلاً كما يُريدون،
بل ليكونَ صادقًا كما أستحقُّ.
فالبُعدُ أجمل،
وأتقى، وأرحم،
من قُربٍ يُشبهُ خنجرًا مطليًّا بالعسل…