
الضفة الغربية بين مطرقة جيش الاحتلال وسندانة مستوطنيه ، بقلم : نعيم حرب
الوجه الحقيقي البشع لحكومة الاحتلال اليمينية الاستيطانية بات اليوم اكثر وضوحاً بقذارته وقبحه وفاشيته المتعطشة للدم والقتل والخراب وكل اشكال الاجرام، حكومة توفر كل وسائل الدعم لمثل هذه الاعمال الإجرامية فمنذ خطف وحرق الطفل الشهيد محمد أبو خضير عام 2014 من حي شعفاط بالقدس والذي كان متوجها لإداء صلاة الفجر والذي جاء نتيجة لتحريض عضو الكنيست في حينة أيليت شكيد والتي حرضت قبل استشهاد أبو خضير بيوم واحد على صفحتها على الفيسيوك على قتل الفلسطينيين ووصفتهم بالثعابين الصغار، في حينها شهدت الجريمة موجه من الانتقادات والتنديد والادانة بدون ان ترقي الى إجراءات او خطوات محاسبة من قبل المجتمع الدولي او من يتغنون بالشرعية الدولية وقراراتها التي تبقى حبراً على ورق اذا ما مست الاحتلال الإسرائيلي والذي هو فوق القانون الدولي او اليوم بات يعرف باليد القذرة لحكومات الغرب .
توالت احداث القتل من قبل المستوطنين على طول الضفة الغربية والقدس وعلى مسمع ومرآي من العالم دون اجراء عقابي رادع حتى باتت عصابات وجماعات منظمة ولها امتداداتها لتطال كافة المستوطنات في الضفة الغربية والتي تم تسليحها على يد بن غفير وتزداد شراستها وتحظى بالدعم والحماية من الجيش حيث ازداد حجم القتل والاستهداف واصبح شبه يومي، ناهيك عن الزيادة الغير معقولة في عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية والسعي الدائم للتغير الجغرافي والديمغرافي في الواقع الفلسطيني واقتحام المدن والبلدات والقرى والمنازل والزيادة الغير معقولة في حجم الدمار الذي يخلفه الجيش عقب كل اقتحام لأي منزل وسرقة الأموال والمصاغ الذهبي والتنكيل بالأهالي والاعتقال على يد الجيش لم يبقي أي شكل من اشكال البطش والارهاب الا ومارسه على أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد رغم القتل والرفض للإخضاع او التهجير والمتمسك بحقة في البقاء على هذه الأرض حارسا اميناً لها ولأرث شهدائها.
لنعد قليلاً الى الوراء حيث كانت الحركة الوطنية الفلسطينية تمتلك زمام المبادرة وكانت معها الحالة الوطنية بخير وكان المستوطنون لا يتحركون الى في قوافل بحماية الجيش في الضفة الغربية وكانت الشوارع ومفارق الطرقات تخلوا منهم وكانوا يفرون خوفا ورعبا من الشباب الفلسطيني قبل ان يهمس باي كلمه، حيث كانت المبادرة بالعمل والفعل الرافض لوجود هذه الكتل السرطانية في جسم الضفة الغربية. بكل مرارة نقول تغير الحال ” بدَلت غزلانها بقرود ” -على راي المثل الفلسطيني – في ظل هذا الواقع المرير والسيء حيث الانقسام المدمر واثاره الكارثية على المستوى الوطني والسياسي والاجتماعي والتردي الغير مسبوق بالحالة الوطنية العامة وغياب العمل الجماعي المنظم والمستدام والمتفق عليه وابتكار وسائل مواجهة جديدة تضع حد لعربدة المستوطنين واستباحتهم للدم الفلسطيني وتعيد الكرامة لنا والعزة، فدماء ابناؤنا ليست رخيصة وحياتهم غالية جدا ولها قيمة ومعنى ونحن نحب الحياة الحرة الكريمة.
بالأمس تم تشيع اثنان من أقمار فلسطين ارتقوا شهداء على يد عصابات الاجرام والاستيطان في بلدتيَ سنجل والمزرعة الغربية بعد ان نكلوا بهم ضرباً وتعذيباً ،هذه البلدة والتي قبل فترة وجيزة تم تطويقها بالأسلاك الشائكة والسياج الحديدي لتصبح سجن حقيقي يفتح بأمر من المستوطن والجيش ويغلق كذلك ، واليوم بل يوميا يتم الاعتداء على السكان العزل وممتلكاتهم حتى وصل الى هذه الصورة البشعة والقذرة التي تحمل وجه الاحتلال بعنصريته ونازيته الحديثة وبالأمس القريب كانت كفر مالك وقبلها ترمسعيا وبروقين وكفر الديك وقصرة … وربما يوم لا نعرف اية بلدة او قرية هدفهم المقبل ! ونحن ماذا اعددنا لحماية أنفسنا وشعبنا؟
ان الانكفاء في عمل اغلب القوى والفصائل الفلسطينية وخاصة تلك المؤثرة والتي مازلت تتغنى بتاريخ نضالي مشرف وكأن التاريخ يشفع لتقصير اليوم وهناك البعض منها كأن ما يجري لا يحتم عليه العمل بل اختزال دوره بالإدانة والشجب والتهديد والوعيد إذا تطور الحال ، وهناك من يستسهل ان يرمي الكرة في ملعب السلطة الوطنية الفلسطينية التي كبلت نفسها باتفاقيات مزقتها جرافات الاحتلال منذ زمن بعيد ولم تعد ملزمة لاحد بل السلطة تلزم نفسها بها ولا تريد التحرر من تبعاتها المذللة والتي تزداد يوما بعد يوم بالممارسة العملية وخلق وقائع تنذر بالشؤم ولا تبشر بخير آت على الأرض من قبل حكومة احتلال فاشي وفي ذات الوقت عدم المقدرة او غياب الإرادة لصياغة رؤية واقعية ومقبولة وطنيا وشعبيا تبنى على الفعل وليس ردة وعدم الرغبة في تبني استراتيجية نضالية تم الاتفاق على ملامحها وتفاصيل البعض منها في مواطن عدة . وهذه السلطة التي تشعر بالعجز الدائم امام صلف وجبروت الاحتلال وتنكره لكافة المواثيق والأعراف الدولية وممارسته القتل اليومي والابادة الجماعية المعلنة في غزة والصامتة في الضفة الغربية، وغول الاستيطان واستباحة دمنا وشبح التهجير والاخضاع كل هذا الاذل بحاجة الى وقفة مع الذات ومحاسبتها قبل ان تحاسب من قبل جماهير شعبنا فما زال قليل من الوقت امام فصائل ومكونات منظمة التحرير الفلسطينية ان تأخذ زمام المبادرة بالعمل الجمعي الوحدوي المقاوم والرافض لهذا الواقع المرير المبني على أساس التغير وفق الرؤيا الوطنية الفلسطينية.