
قبل فوات الأوان ، بقلم : نعيم حرب
الصفة الغربية وبالتحديد وشمالها يختنق ويغرق بفعل الاستيطان وتتلاشى ملامح الأرض الفلسطينية التي نعرفها ، لا أحد يرى جراح الموطن النازفة ولا يسمع الأنين ولا حتى الصراخ ، نجتر الماضي ونتغنى بأمجاد لم تعد قائمة ومقاومة لم تعد موجودة بفعلها الحقيقي المؤثر- مقاومة الاستيطان والضم والتهجير والتهويد للأرض والانسان – في كل صباح نستفيق على وقع ناقلات الجند التي تجتاح المدينة والبلدة والحارة والزقاق ، ويعلو هدير جرافات تهدم بيوت المخيم مخيم جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة والتي قريبا اذا استمر الحال لن يعود فيها بيت قائما وسوف تصبح رفح أخرى، وتتوارد الانباء تباعاً عن الطرق والبوابات والتي أصبحت لها قنوات خاصة تحت عنوان أحوال الطرق ، هذه البوابات التي مزقت كل المحافظات والتجمعات وعزلتها عن محيطها وبات الخروج من مكان سكنك معاناة ، نعم انها حرب الإبادة الصامتة التي يشنها الاحتلال وحكومة المستوطنين في الضفة الغربية الى جانب حرب الإبادة الجماعية والقتل بالتجوع تلك التي تمارس في قطاع غزة .هذه الحرب التي كشفت وعرت كل الذين تغنوا بحقوق الانسان ولم يفعلوا شيء اتجاه حرمان الفلسطيني من حقة في الحياة .
نعيش اليوم في الضفة الغربية داخل اقفاص مفتوحة جزئياً وبقرار من مستوطن وفي أحسن الأحوال قرار من جندي فاشي يمارس القتل والحصار والخنق والتجويع وكل اشكال الإبادة والتنكيل والاذلال بحق شعب اعزل احتلال يبتلع الأرض الفلسطينية يغير معالمها يقيم عليها تجمعات سكنية حديثة ويهدم بيت إقامة فلسطيني على ارضة ليقي اطفاله حر الصيف وبرد الشتاء احتلال يسرق اموالنا ويحاربنا في قوت أطفالنا ولقمة عش لنا وأسواق راكدة ومحلات تجارية تشكو كساداً وتجار يعيشون ضائقة.. الناس يفكرون مرات ومرات في الشراء ليس لأنهم لا يريدون بل لأنهم لا يملكون وان ملك البعض منهم المال فهو غير قادر على الوصول الى الأسواق أي ذل ومهانة نعيش بفعل هذا الاحتلال!!! شباب بعمر الورد حمة شهادات جامعية وغيرهم عزف عن الدراسة يقضون جل وقتهم على الأرصفة يأملون فرصة قد لا تأتي وهم غير فاعلون في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية.
هذا الواقع المرير والمؤلم الذي نحيا والذي لم يعد أحد بمقدوره احتماله فالتحديات جسام تجاوزت الكل بقدرته على مواجهتها او الحد من تداعياتها وحالة العجز بل والشلل التام الذي تعانيه الحالة الوطنية الفلسطينية حيث مخططات الاحتلال ماضية في إجراءات الضم والتهجير والتجوع والاخضاع وواقع اقتصادي منهار وفقر وبطالة في صعود مستمر وغياب العدالة الاجتماعية وانقسام ما زال يفتك بالجسم الوطني الفلسطيني ويزيده ضعفاً وعدم قدرة الحركة الوطنية على التأثير في جماهيرها بل انعزالها عنهم حتى بات هناك شعور بالغربة والغرابة أحيانا. في هذا السياق الخطير جدا يصبح الانتظار والتقاعس الغير مقنع وليس له أي مبرر امام انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتجاوز كل الخلافات الجانبية والحسابات الفئوية والصراع على كرسي يتحكم فيه الاحتلال ومحاولات التخوين والاقصاء وكل معطلات انجاز الوحدة كلها عوامل ربما تصل الى مرحلة الخيانة.
ما الذي يمنع انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الجامعة للكل الفلسطيني في الوقت الذي اتفق الجميع على ذلك في أكثر من اتفاق ووثيقة وإعلان وبرنامج. بكل وضوح اليوم مطلوب من الجماهير ان تعلي الصوت وان تمارس الضغط على الجميع من اجل ان لا نموت صامتين وهناك احتلال يسابق الزمن من اجل فرض وقائع على الأرض ونحن ماذا ننتظر؟
وأخيراً وبكل وضوح لقد ان الأوان لتقل الجماهير كلمتها وتقف صفا واحداً لتدافع عن تطلعاتها بالحرية والاستقلال والكرامة الوطنية والخلاص من الاحتلال وان تلفظ كل من يقف عائقا امام تطلعاتها المشروعة بالحرية والدولة المستقلة ذات والسيادة الوطنية على الارض الفلسطينية.