9:19 مساءً / 8 يوليو، 2025
آخر الاخبار

في حبِّ الرفاق ، بقلم : محمد علوش

في حبِّ الرفاق ، بقلم : محمد علوش

يا أبناء الجرحِ المنسيّ،
وحرَّاسَ الخبز المبلول بدمع الأمهات،
يا أنبياء الشارع
حين تفيضُ الأرصفةُ بالحُلمِ، وبالأغنيات.
أنتم ريحُ الفقراء إذا اشتدّت
شمسُ القصور،
أنتم مطرُ الغضب الأجمل
حينَ يثور
فأسُ الكلام، وسندانُ الضمير.

منكم تعلّمتُ
أن للتراب لغةً
لا تُفكّ شيفرتُها
إلا حين نموت وقوفاً،
نَحبُّ،
ونَقسمُ أن لا نبيع الطريق.

يا رفاق الجُرح في صدر العالم،
أنتم جمرةُ هذا الزمن البارد،
سيفٌ حين تشيخُ الأسئلة،
أغنيةٌ حينَ تُؤدَّى الحرية بالصوت الخافت.

أنتم نبض الحياة
تمشي على عتبة النار،
تُربّي الصبح
وتضحك للقمح إن زُرعَ في جُرح الأرض العاري.

رايةٌ من جَمر
يا من نَزَلتُم
إلى الأرض حفاةَ القلوب،
ورفعتم رايةَ الفقراء على سارية الجوع والحديد
سلاماً عليكم،
وأنتمْ تخُطّونَ بالدمِ
ما عجزت عنهُ الكتبُ والقصائدُ
في ليل هذا العبيد.
أنتم، حين تخونُ السماواتُ وعدَ المطر،
وتصيرُ البلادُ حقولاً من اليأس،
كنتم ضوءَ الجبهة،
ونقطة البدءِ في ثورة الانتظار.

لم تكونوا خُطباءَ على منبر الحلم،
كنتم ترمونَ بأكفّكمُ حجارةَ المعنى
في وجهِ هذا الجدار
يا مَن جعلتم من نارِ المصانع أنشودةً للعدالة،
ومن شوكة السجنِ أغنيةً للحرية.

هل كان في الأرض
من صادق الفجرَ مثلكم؟
من جرّب أن يحملَ الخبز فوقَ الرصاص،
ويبذرَ وجعَهُ في طريق القرى،
ثمَّ لا ينكسر؟

أنتم العابرونَ بلا ظلّ،
ولا رايةٍ
إلا وجهَ العامل،
وصوتَ الرفيق،
وخريطةَ الحلم الحمراء.

سلاماً عليكم،
وأنتم تضيئون هذا الزمن،
بما لا يُقالُ،
ولا يُشترى،
ولا يُخاف عليه من العطب.

سلاماً على من جعل للإنسان صوتاً،
وللثورة قلباً
ينبض كالرعد،
حين تُولدُ الحياة من بين الركام.

ما خدعوا بالحلم
لكن ساروا إليه،
كما يسير الجرح في لحم الطريق.

ما باعوا الصوت
ولا خافوا الضياء،
ظلّوا هناك، حيث يكونُ الوقوفُ على العدلِ
أشبهَ بالصمتِ في حفلة الذبح.

كانوا وفاءً،
كأنّ الحياةَ تدينُ لهم
بنقائها الأول،
برغيفٍ لم يُطعَم
إلا بجوع الرفاق،
بحروف بيانٍ تكابرُ في وجه موت القضايا،
وتحيا، ولو خانها الحبرُ.

لم ينثنوا
حتى حين تشقّق فيهم ضوءُ السنين،
وحاصرهم بردُ هذا الزمان الوقح.

لم ينكسروا وهم يرون الرفاق
يُعلَّقونَ على حبال النسيان،
وتُنسى خطاهم في زحام الخُطب.

يا أيها الواقفونَ على بابِ كلّ انكسار،
تشدّون أزرَ النهار،
وتنسجونَ الوفاء خيطاً خيطاً
في وجوهِ المدى
يا أبناء الصدق،
ونبض الكفاح،
ووجعَ الشعوب،
ما أوسعَ الأرضَ حين تمرّون فيها،
وما أضيقَ العالمَ حين يغيبُ وفاؤكمُ عن نشيده.

سقطوا، وما سقطت الراية
ظلّت تحملُها الريحُ عنهم،
وتزرعها في الحقول،
وتنبتُ من دمِهم
زهرةٌ لا تُروى إلا بنشيد الطبول.

هُمُ الشهداءُ،
من لم يبيعوا الخبزَ إلا لِمن جاع،
ولا باعوا الصوتَ إلا لمن قال “كفى”
كفى للظلام،
كفى للجدار،
كفى لأنين الخنوع الطويل.

كانوا نجوماً تُضيءُ العتمة،
وصخوراً تصدُّ انكسارَ الشعوب
وحينَ تنكّرَ هذا الزمانُ لهم،
كان فيهم وفاءُ الدمِ للفكرة،
وفيهم لهيبُ الطريق
إذا ذبلت خطوتُهُ في الخرائط الميتة.

لا قبور لهم،
إنهم ينامون في صدر هذا التراب،
وفي صوت عاملٍ عاد آخر الليل
يحملُ رغيفاً، ويغنّي لهم.

كلُّ صرخة حُرٍّ
على هذه الأرض، صدىً لقلوبِهم
فمنهمْ تعلّمَت الأرض
كيف تكون
وتحيا.

سلامٌ على من تخلّى عن اسمهِ
لأجلِ اسم الجماعة،
على من مشى
دون أن ينتظرَ انتصاراً،
لأنهُ كانَ يعرفُ أن الدمَ يفتحُ بابَ النهار.

⦁ محمد علوش – شاعر من فلسطين

شاهد أيضاً

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني يُنظم زيارة لمكتبة عبير في البلدة القديمة بمدينة الخليل

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني يُنظم زيارة لمكتبة عبير في البلدة القديمة بمدينة الخليل

شفا – نظّم نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني برئاسة الدكتور عباس مجاهد ، صباح اليوم …