3:31 مساءً / 7 يوليو، 2025
آخر الاخبار

“أنفسنا في مرآة الحرب: مَن الذي تغيّر؟” بقلم : الصحفي سامح الجدي

سامح الجدي

“أنفسنا في مرآة الحرب: مَن الذي تغيّر؟” بقلم : الصحفي سامح الجدي

بسبب الحرب، لم نعد نحن كما كنّا. ننهض من تحت الركام، لا نعرف أهذا الجسد لنا؟ أهذا الصوت صوتنا؟ أهذه الدموع تنتمي لعيوننا؟ الحرب سرقت منا ملامحنا، وشوهت ما تبقى من صورتنا الداخلية، حتى بتنا لا نشبه أنفسنا، لا في شكْلنا، ولا في ردّات فعلنا، ولا حتى في صمتنا.

كأن الحرب مرآة كاذبة، تعكس أشباحنا بدلاً من وجوهنا. تنظر في أعين أحبّتك، فترى الذعر بدل الدفء، والتوجس بدل الطمأنينة. صرنا نتحرك كمن فقد بوصلة الحياة: لا نخطط، لا نحلم، لا نأمل. فقط ننتظر. ننتظر قذيفة جديدة، أو خبر نعي، أو صورة طفل تحت الأنقاض.

في الحرب، كل شيء يتآكل: الأخلاق، والطمأنينة، والذاكرة. والأنكى من ذلك، أن الإنسان فينا يتآكل أيضًا. بتنا أقل تعاطفًا، أكثر قسوة، أسرع انهيارًا. نمر على الجثث كما نمر على الصور القديمة، نقرأ أسماء الشهداء كما نقرأ أرقام الطقس، نتأقلم مع الألم كأننا خُلقنا له.

لقد أُجبرنا على ارتداء وجوه لا تشبهنا. أُجبرنا على النوم بعيون نصف مفتوحة، وعلى حب الحياة ونحن نمشي فوق قبور الأحبّة. تغيرت لغتنا، صار الحنين فخًا، والفرح خيانة، والحلم رفاهية. نحن لم نختر هذا، لكن الحرب لا تمنح خيارات، بل تملي شروطها بقوة الحديد والنار.

فمن يعيد إلينا أنفسنا؟ من يعيد للوجوه بسمتها القديمة؟ من يعيد للأم قلبها الذي نُزع منها مع ولدها؟ من يعيد لنا الشوارع كما كنا نعرفها؟ البيوت كما كنا نألفها؟ الضحكة كما كنا نطلقها؟ لا أحد. وحدها الذاكرة تقاوم. وحدها تحاول أن تحفظ ما تبقى من ملامحنا الأصلية، علّنا، إن انتهت الحرب ذات يوم، نعيد ترميم أنفسنا من شظايا الوجع.

إن ما تفعله الحرب في أرواح البشر أخطر بكثير مما تفعله في مدنهم. فالجدران تُبنى، لكن الإنسان حين يتحطم يصعب ترميمه.

نحن لم نعد نحن. فهل سنعود يومًا؟

شاهد أيضاً

وزيرة شؤون المرأة تزور جمعية سيدات أريحا الخيرية وتؤكد: نعمل على تعزيز دور الجمعيات النسوية في قيادة التغيير المجتمعي

وزيرة شؤون المرأة تزور جمعية سيدات أريحا الخيرية وتؤكد: نعمل على تعزيز دور الجمعيات النسوية في قيادة التغيير المجتمعي

شفا – زارت وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي وعطوفة الوكيل بثينة السالم والوفد المرافق، اليوم، …