
دور الهيئات المحلية في محافظة سلفيت: بين التحديات والمسؤوليات ، بقلم: د. عمر السلخي
تشكل الهيئات المحلية – من بلديات ومجالس قروية – العمود الفقري للإدارة المحلية في فلسطين، وتضطلع بدور جوهري في تسيير شؤون المواطنين اليومية، خاصة في المناطق التي تعاني من واقع مركب كحال محافظة سلفيت. فالمحافظة التي تتوسط الضفة الغربية تعاني من التوسع الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، والحواجز، وشح الموارد، مما يجعل من دور الهيئات المحلية أكثر تعقيدًا وحساسية.
الإدارة المحلية كأداة لتعزيز الصمود
في ظل الاحتلال الإسرائيلي وقيوده المتزايدة، باتت الهيئات المحلية في سلفيت مطالبة بأدوار تتجاوز الوظائف الإدارية التقليدية. فهي لم تعد فقط مسؤولة عن النظافة والطرق والإنارة، بل باتت خط الدفاع الأول في تعزيز بقاء الفلسطيني على أرضه، من خلال:
توسيع المخططات الهيكلية لحماية الأراضي المهددة بالمصادرة.
دعم المشاريع الزراعية والبيئية لتعزيز الإنتاج المحلي.
توفير البنية التحتية في المناطق المهمشة لتثبيت السكان.
التنسيق مع المؤسسات الأهلية والدولية لدعم مشاريع التنمية المجتمعية.
العمل في بيئة مقيدة
تعاني الهيئات المحلية في سلفيت من تحديات مضاعفة مقارنة بباقي المحافظات، أبرزها:
وجود أكثر من 24 مستوطنة و ١٠ بؤرة استيطانية تلتهم الأرض وتضيق الحيز العام للفلسطينيين.
سيطرة الاحتلال على ما يزيد عن٧٦% من أراضي المحافظة المصنفة (ج)، مما يحد من قدرة المجالس على تنفيذ مشاريع حيوية.
عدم انتظام التمويل المركزي من الحكومة الفلسطينية، إضافة إلى ضعف الجباية المحلية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
التهديدات المستمرة للمجالس من قبل الاحتلال عند تنفيذ أي مشاريع تنموية أو بنى تحتية.
نحو إدارة محلية فاعلة وخلاقة
لتجاوز هذه التحديات، يمكن للهيئات المحلية في سلفيت أن تعتمد نهجًا إداريًا مبتكرًا يتضمن:
الحوكمة التشاركية: إشراك المواطنين في التخطيط وصناعة القرار، مما يعزز من شفافية الأداء ويرفع من ثقة الجمهور.
إدارة المشاريع التنموية الصغيرة: التركيز على مشاريع قابلة للتنفيذ بكلفة منخفضة وتأثير مباشر مثل تأهيل آبار مياه، شق طرق زراعية، إنشاء حدائق مجتمعية.
التعاون بين الهيئات: تشكيل تكتلات تنموية بين المجالس المحلية لتقاسم الموارد وتنفيذ مشاريع جماعية تخدم أكثر من بلدة.
التحول الرقمي: تطوير أنظمة إلكترونية للخدمات الإدارية، مما يسهل على المواطن الحصول على الخدمات ويقلل من البيروقراطية.
استقطاب الدعم الدولي: بناء علاقات مع الجهات المانحة وفق مشاريع مدروسة تلبي الاحتياجات المحلية وتتماشى مع المعايير الدولية.
دور المجالس في بناء وعي جماهيري
يجب ألا يُختزل دور الهيئات المحلية في الخدمات، بل أن تتبنى دورًا توعويًا وثقافيًا من خلال:
دعم الأنشطة الثقافية والتراثية.
تنظيم حملات توعية صحية وبيئية وتعليمية.
تفعيل دور المرأة والشباب في الحياة العامة.
حماية الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء من خلال المناسبات الوطنية والمجتمعية.
رغم تعقيدات المشهد في محافظة سلفيت، فإن للهيئات المحلية قدرة على تحويل التحديات إلى فرص، إذا ما تم تمكينها إداريًا وماليًا، وتعزيز استقلاليتها، وفتح المجال أمام الكفاءات الشبابية لقيادتها، الإدارة المحلية في محافظة سلفيت ليست مجرد هيكل وظيفي، بل هي رافعة نضالية وخط الدفاع الأول في معركة البقاء والكرامة على الأرض.