
من الصين إلى العالم ، الانفتاح عالي الجودة يساهم في دفع النمو الاقتصادي العالمي ، بقلم : تشو شيوان
جذب منتدى دافوس الصيفي الذي عقد في مدينة تيانجين الصينية في نهاية الشهر الماضي، ما يقرب من 1800 ضيف من أكثر من 90 دولة ومنطقة حول العالم، ما يمثل رقم أعلى نسبة مشاركة في السنوات الأخيرة، ومن هنا يمكننا أن نشعر بعزمة الصين على تعميق الانفتاح علي الجودة باستمرار.
الصين اليوم ليست مجرد لاعب دولي بل مركز قوة عالمية يستدعي البحث في سبب ضرورة تعزيز الروابط معها، وبات من الواضح أن علاقات التعاون مع الصين تمنح العالم فوائد ملموسة على الصعيد الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة للمجالات العلمية وعلوم الفضاء، وأيضاً في مجالات الطاقة تحديداً الطاقة الخضراء وأنظمة الطاقة المستدامة .
في عالم يتسم بالاعتماد المتبادل بين الدول، أصبحت الصين شريكاً أساسياً لا يمكن تجاهله على الساحة الدولية. بفضل نموها الاقتصادي المتسارع، وتقدمها التكنولوجي المذهل، ودورها المتعاظم في صنع السياسات العالمية، هنا نجد أن الصين تقدم فرصاً لا مثيل لها للدول التي تسعى إلى تعزيز تنميتها وضمان مصالحها الاستراتيجية، فالصين ليست مجرد قوة اقتصادية صاعدة، بل هي شريك متعدد الأبعاد، يقدم حلولاً مبتكرة للتحديات المشتركة التي تواجه البشرية.
الاقتصاد الصيني بات يُعتبر اقتصاد ديناميكي يدعم النمو العالمي، إذ تُعد الصين محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي العالمي، حيث تساهم بنحو 30% من إجمالي النمو السنوي، مما يجعلها ركيزة أساسية للاستقرار المالي الدولي.، كما أنها أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 دولة حول العالم مما يعزز فرص التبادل التجاري والاستثماري عبر القارات، ولا تقتصر مساهمات الصين على التجارة فحسب، بل تمتد إلى الاستثمار في البنية التحتية من خلال مبادرات مثل “الحزام والطريق”، التي توفر تمويلاً وتقنية لدول نامية كثيرة، وقد ساعدت المبادرة دولاً وشعوب في تحسين مستوى حياتهم وتعزيز الاقتصاد والتنمية، بالإضافة إلى ذلك فإن السوق الصينية الضخمة، مع توسع طبقتها الوسطى، تتيح فرصاً هائلة للشركات العالمية في قطاعات الاستهلاك والتكنولوجيا والخدمات لدخوله ولهذا تتهافت الشركات العالمية للدخول للسوق الصيني مما يعزز النمو التجاري للعديد من هذه الشركات مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد العالمي.
أثبتت الصين أنها في طليعة الابتكار العالمي وقدت نفسها للعالم كرائدة في التكنولوجيا وحاضرة في قيادة المستقبل، حيث تتصدر مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وشبكات الجيل الخامس، والطاقة المتجددة. وتعد شركاتها التكنولوجية العملاقة، مثل هواوي وتينسنت وعلي بابا، منافساً رئيسياً في الأسواق العالمية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون التقني، كما أن استثمارات الصين الضخمة في البحث العلمي والتطوير جعلتها رائدة في مجالات مثل السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي، وبالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم، وأيضاً لقد جلبت القدرة الإنتاجية الصينية للطاقة الخضراء زخما جديدا للتنمية، وقد نشرت وكالة “بلومبرج” مقالا يقول إن الأمل في تحول الطاقة العالمي يرجع إلى حد كبير إلى “توفير الصين لمنتجات نظيفة ومنخفضة السعر”. إذ توفر الصين حاليا 50% من طاقة الرياح في العالم و 80% من المعدات الكهروضوئية، ومن عام 2012 إلى عام 2021، نمت التجارة الصديقة للبيئة في الصين بنسبة 146.3% مما يوفر للعالم شريكاً قوياً في مواجهة التحديات التكنولوجية والطاقة المستقبلية.
الصين تمتاز استقرار سياسي ورؤية استراتيجية طويلة الأمد، وفي عالم يشهد تقلبات سياسية متزايدة، تبرز الصين كنموذج للاستقرار والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، فبخلاف العديد من الدول التي تعاني من تغير السياسات مع تغير الحكومات، تتبع الصين نهجاً متسقاً يعتمد على رؤية واضحة تمتد لعقود مقبلة، وهذا الاستقرار يجعلها شريكاً موثوقاً به في المشاريع الكبرى، سواء في مجال التجارة أو البنية التحتية أو الطاقة، كما أن سياستها الخارجية المتوازنة، التي تركز على التعاون المربح للجميع، تجعل التعامل معها خياراً مناسباً للعديد من الدول.
لا تقتصر أهمية الصين على الجانب الاقتصادي أو التكنولوجي، بل تمتد إلى كونها فاعلاً رئيسياً في حل المشكلات العالمية. فهي أكبر مستثمر في الطاقة النظيفة، مما يسهم في مكافحة تغير المناخ، كما قدمت دعماً طبياً ولوجستياً خلال الأزمات الصحية العالمية كما تشارك بفاعلية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتدعم برامج مكافحة الفقر في الدول النامية، وهذا الدور المتعدد الأوجه يجعل الشراكة مع الصين ضرورة لتحقيق الأمن والاستدامة على المستوى الدولي.
إلى جانب قوتها الاقتصادية والتقنية، تمتلك الصين تراثاً حضارياً يمتد لآلاف السنين، مما يجعلها جسراً بين الماضي والمستقبل. فثقافتها الغنية، وقدرتها على المزج بين الأصالة والحداثة، تثري الحوار الحضاري العالمي. كما أن صناعاتها الإبداعية، من السينما إلى الأدب، تزداد تأثيراً على المستوى الدولي، مما يعزز التفاهم المتبادل بين الشعوب.
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها النظام العالمي، لم تعد الشراكة مع الصين خياراً ثانوياً، بل أصبحت مطلباً استراتيجياً للدول التي تسعى إلى النمو والاستقرار، فالصين تقدم مزيجاً فريداً من القوة الاقتصادية، والابتكار التكنولوجي، والاستقرار السياسي، والدور الفاعل في المعضلات العالمية ومع ذلك فإن نجاح هذه الشراكة يتطلب فهماً عميقاً للمصالح المشتركة، واحتراماً للتنوع وهذا ما تريده الصين من العالم، مما يضمن علاقات دولية أكثر توازناً وتكافؤاً للجميع.
إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة