
رسالة إلى البحر القاتل ، بقلم : أمال الحاجي
قصيدة بعنوان رسالة إلى البحر القاتل و قصة نثرية بعنوان الموجة التي لم تغد بقلم الكاتبة و الشاعرة و الناقدة التونسية أمال الحاجي
البحر القاتل
يا بحر.. كم في قلبك الظالم
أسرار موج تأكل الأحلاما
تحمل في صدرك الأساهيد
وتنثر الأجساد كالأقلاما
مريم لم تعبث بأحجارك
لم تكسر الأصداف.. لم تظلم
فلماذا اخترتها قربانا
وعيناك تلعب بالديم
البراءة المطوية في رملك
صارت نغمة في صمت العاصفه
والأم التي تنتظر العود
صار القلب في حنيتها قافه
يا ساكن الأعماق.. بئس الفتى
تبني بأحضانك الآهات
والأطفال في حوضك الغادر
تكبو كأزهار بلا حيات
سأصخ في الملأ.. وإن صممت
أذن السماء وأذن البحار
ليس الغريق هو الذي مات
إن الغريق هو الأحبار
الموجة التي لم تعد
كانت مريم تلهو على شاطئ البحر، تملأ جيوبها الصغيرة بأصداف ملونة، وتضحك كلما لاحت لها موجة صغيرة تبتل أطراف شعرها. أمها جالسة تحت مظلة، تراقبها بعينين مليئتين بالحب، غير مدركة أن هذه ستكون آخر لحظات البراءة.
جاءت الموجة كاللص في الليل، اختطفت مريم بين ذراعيها الزرقاء، اختفت تلك الضحكة فجأة، وغاصت في الأعماق كحلم قصير. بحثوا عنها لساعات، حتى وجدها الصيادون في اليوم التالي، جسدا صغيرا ملفوفا بأعشاب البحر، كأنها نائمة في مهد من زبد الأمواج.
الأم لم تعد تبكي، صار حزنها صمتا طويلا، كالرمال التي تبتلع آثار الأقدام. أما البحر، فما زال يغني بأمواجه، كأن شيئا لم يكن.
اليوم، كلما مر طفل بالشاطئ، تهمس الأمهات: “هذا البحر يخبئ في قلبه لغزا.. لا تثقوا بابتسامته”. ومريم صارت حكاية يتناقلها الموج، وقبلة أخيرة لم تصل إلى جبين أمها.
أمال الحاجي