
في الذكرى الـ77 للنكبة ، تصعيد ضد الأونروا وتضييق على مخيمات اللاجئين في القدس ، بقلم : د. تهاني اللوزي
في مثل هذا اليوم من عام 1948، بدأت نكبة شعبٍ حُرم من وطنه، ومورست بحقه أكبر عملية تطهير عرقي في القرن العشرين، حيث تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، وتدمير أكثر من 500 تجمع سكاني فلسطيني. واليوم، وبعد مرور 77 عامًا، لا تزال النكبة حاضرة، ليس فقط في الذاكرة، بل في الواقع المعيشي والسياسي للفلسطينيين، وخاصة اللاجئين في محافظة القدس الذين يواجهون تحديات مركّبة في ظل الاحتلال في محاولة لإنهاء صفة “لاجئ” وإلغاء حق العودة من الوعي والتاريخ.
استهداف الأونروا: هجوم على الشاهد الدولي ..
تُعدّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أبرز المؤسسات الدولية التي تأسست خصيصًا لخدمة اللاجئين الفلسطينيين، وتُجسد اعترافًا دوليًا بمأساتهم وحقهم في العودة. لكن في السنوات الأخيرة، كثّف الاحتلال الإسرائيلي محاولاته لإنهاء وجود الأونروا، لا سيما في القدس المحتلة، وذلك من خلال الضغط على الدول المانحة لوقف التمويل، مما أدى إلى عجز مالي كبير أثر بشكل مباشر على خدمات التعليم والصحة والإغاثة لدى مؤسسات الأونروا في القدس والتهديد بإغلاق مدارسها ومراكزها الصحية.
محاولات إحلال بلدية الاحتلال محل الوكالة، من خلال تقديم خدمات رمزية بهدف تهميش دور الأونروا ونزع الطابع الأممي عن قضية اللاجئين
هذه السياسات تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين سياسيًا، وإنهاء الأونروا كشاهد قانوني وإنساني على استمرار النكبة.
مخيمات اللاجئين في القدس معاناة تتجدد ..
في محافظة القدس، يوجد مخيمان للاجئين. مخيم قلنديا يضم أكثر من 11,000 لاجئ مسجل، بينما تُقدّر الكثافة السكانية الفعلية بأكثر من 20,000 نسمة.
مخيم شعفاط يضم اليوم أكثر من 24,000 لاجئ مسجل، بينما تُقدّر الكثافة السكانية بأكثر من 40,000 نسمة، وفقًا لإحصائيات الأونروا يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في محافظة القدس أكثر من 100,000 لاجئ يعيش القسم الأكبر منهم في مخيمات شعفاط وقلنديا، ومناطق مثل كفر عقب، العيزرية، أبو ديس، الرام، وقرى شمال غرب القدس والطور، ورغم كل السياسات الرامية إلى تصفية قضية اللاجئين، فإن وجود الأونروا، ورمزية المخيم، يشكّلان ركيزتين من ركائز الهوية الوطنية الفلسطينية.
إن إحياء الذكرى السابعة والسبعين للنكبة لا يقتصر على البكاء على الماضي، بل هو تأكيد على أن النكبة مستمرة، ولكن الصمود مستمر أيضًا. اللاجئون الفلسطينيون، وفي مقدمتهم سكان مخيمات القدس، يواجهون القهر بالثبات، والإقصاء بالتمسك بحق العودة في هذه الذكرى، نُجدد العهد بأن النكبة لن تُنسى، وأن القدس، بكل أبنائها، ستبقى شاهدًا حيًا على الحق الفلسطيني، وصوتًا لا ينكسر في وجه الاحتلال.