1:05 صباحًا / 8 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

لا تنسى شعب الخيام ، بقلم : سماحة حسون

لا تنسى شعب الخيام ، بقلم : سماحة حسون

لا تنسى شعب الخيام ، بقلم : سماحة حسون

في الخيام، حيث يلتقي البرد بالمطر، لا مكان للدفء ولا للراحة. هناك، في المخيمات، يكابدون الحياة بكل مرارتها. هل جربت أن تكون في مكانٍ لا يحميك من قسوة الشتاء؟ حيث لا سقف يحميك من السماء التي تغرقك بالماء، ولا جدران تمنع عنك الرياح العاتية التي تعوي في الليل كوحوشٍ ضارية.

الشتاء في المخيمات ليس مجرد برد، بل هو قسوة تتسلل إلى الأعماق. هو لحظات من الألم لا تنتهي، ووجوه تتجمد من شدة البرد، وقلوب تتجمد معها، رغم أنها لا تزال تنبض بالأمل. حينما يأتي المطر، لا يملك الناس في الخيام سوى أملٍ ضائع بأن تهطل الأمطار في مكانٍ آخر، حيث يكون الأمان.

أن ترى الأطفال وهم يرتجفون من البرد، وأمهات يحاولن جاهدات إبعاد الماء عن أطراف الخيمة المنهارة، يذكرنا كم أننا محظوظون بأننا نملك سقفًا يحمي رؤوسنا. لكن في المخيمات، لا مكان للراحة، ولا مكان للراحة في النفس.

في كل زاويةٍ، هنالك قصة جرحٍ لم يندمل بعد، وحكاية نازحٍ يفتقد أهله، وطفلٍ لا يعرف ما هو الدفء إلا من خلال حلمٍ بعيد. لقد غادروا منازلهم، هربوا من الموت، لكنهم لا يزالون يواجهون شبح البرد والمطر، في أرضٍ لا ترحم.

الشتاء ليس مجرد فصل يتبدل، بل هو فصل من فصول القهر والمعاناة التي لا تنتهي. تلامس الرياح خيامهم الهشة، فتسقط بعضها وتظل أخرى تتناثر في العراء. لا كهرباء، لا تدفئة، ولا حيلة سوى الصبر، ذلك الصبر الذي لا يسأمونه رغم أن الأيام تتشابه في الألم.

ومع كل شتاءٍ جديد، يزداد الأمل ضبابية، ومع كل يومٍ يمر، يزداد الإحساس بأننا قد نسيناهم. نسينا شعب الخيام، أولئك الذين يواصلون النضال من أجل البقاء، الذين يواجهون الحياة في أبسط صورها، يقتاتون من أملٍ صغير ويعيشون على حافة الحلم.

لكن لا بد أن نذكّر أنفسنا: هل فكرنا بهم يومًا؟ هل وقفنا لحظة واحدة لنسأل ماذا لو كنا مكانهم؟ لو كنا نعيش في خيمة، تحت سماءٍ تتساقط منها الأمطار، وكل ما نملكه هو ما نحمله في أيدينا؟ هل فكّرنا في معاناتهم قبل أن نستهلك رفاهيتنا؟ قبل أن نضيع في تفاصيلنا الصغيرة؟

الشتاء في المخيمات ليس كما نتصور. هو ليس فقط موسم باردٍ، بل هو واقعٌ حيٌ مؤلم. لعلّنا لا نعيش تفاصيله، لكننا يجب أن نشعر بهم، أن نكون جزءًا من أملهم. أن نعلم أن هناك من ينتظر منا دعمًا، ويدًا تمتدّ لتخفف عنهم عبء هذا البرد الذي لا يرحم.

في الخيام، الحياة مستمرة رغم كل شيء. لكنهم بحاجة إلى من يذكرهم، إلى من يعيد لهم الأمل بأن هناك من يهتم. لأننا إذا نسيناهم، فإننا ننسى جزءًا من إنسانيتنا.

شاهد أيضاً

محمد علوش يوجّه رسالة تضامن إلى الجمعية الدولية للشعوب بفنزويلا

محمد علوش يوجّه رسالة تضامن إلى الجمعية الدولية للشعوب بفنزويلا

شفا – وجّه الرفيق محمد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، رسالة سياسية …