
جبريل الرجوب ، رجل الدولة والضمير ، بقلم : البروفيسور الدكتور جمال محمود حسن حرفوش
لم يكن جبريل الرجوب يوماً مجرد مسؤول يتقلّد المناصب، بل كان ضمير مرحلةٍ بأكملها.
هو من أولئك الذين حملوا فلسطين في القلب لا في الجيب، وساروا في دربها رغم وعورته، بين نار العدو وضباب السياسة.
فيه من شجاعة القادة ما يُذكّر بالفاروق، ومن فطنة السياسيين ما يجعله يُبسّط أعقد القضايا بعبارةٍ واحدةٍ تبثّ الاطمئنان في النفوس، وتُعيد الإيمان بأنّ “الدولة” لا تُدار بالصوت المرتفع بل بالعقل الهادئ والقرار الراسخ.
القائد الذي جمع بين الأمن والسياسة والرياضة
جبريل الرجوب لم يكن رجل جهازٍ أو مؤسسة، بل مدرسة في القيادة والإدارة.
منذ أن تولّى رئاسة جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية بعد اتفاق أوسلو، أعاد تعريف معنى “الأمن الوطني” لا كقوةٍ باطشة، بل كحمايةٍ للإنسان الفلسطيني.
وفي السياسة، أثبت أنه رجل التوازنات الدقيقة الذي يقرأ الواقع بعينٍ ترى المستقبل، فجمع بين لغة الحوار ومبدأ الحزم، وبين الدبلوماسية والجرأة.
وفي الرياضة، صنع من اللجنة الأولمبية الفلسطينية منبراً للوطن في المحافل الدولية، وجعل من الرياضة الفلسطينية لغةً للوحدة لا للمناكفة، ورفع علم فلسطين في ملاعب العالم كما يرفعه المقاتلون على المتاريس.
هيبة الحضور وسحر الخطاب
يتحدث جبريل الرجوب فيبهرك ببلاغةٍ عفويةٍ صادقةٍ، تمتزج فيها روح المقاتل بأدب المثقف، فيشبه في لغته قادة التاريخ الذين صاغوا أوطانهم بالكلمة لا بالسيف.
حين يتحدث، تُحسّ أنك أمام قائدٍ يملك جرأة أمير المؤمنين في الحقّ، وحنكة المهدي في العدل والاتزان، لا يخشى في قول الحقيقة لومة لائم، ولا يهادن في ما يتعلّق بالكرامة الوطنية.
إنّ في أسلوبه ما يُشبه الشعر في إيقاعه، والفقه في منطقه، والسياسة في مقصده.
يبسط الأمور المعقدة بلغةٍ يفهمها البسطاء، ويزرع فيهم الأمل والطمأنينة كمن يُمسك بزمام سفينةٍ في بحرٍ هائج، فيُعيد إليها توازنها بيده الهادئة وصوته الواثق.
الروح الشابة في الجسد المخضرم
على الرغم من عمر التجربة والسنوات الطويلة في ميادين العمل، فإنّ الرجوب لا يزال يحمل روح الشباب في فكره وحركته، متقداً بالحيوية والعزم.
من يراه يدرك أنه لم يتعب من النضال، بل يرى في كل يومٍ معركة جديدة، وفي كل شابٍ مشروع قائدٍ جديد.
هو رجلٌ يجسّد قول الفلاسفة:
“القائد الحقّ لا يشيخ، لأنّ الإيمان لا يهرم.”
الرمز الإنساني قبل أن يكون السياسي
ما يميّز الرجوب أنّه يُدرك أنّ الإنسان هو حجر الأساس لأي مشروعٍ وطني.
يقترب من الناس، يستمع أكثر مما يتحدث، ويعرف أن الكلمة الطيبة تبني، كما يعرف أن الحزم في الوقت المناسب يَصون.
وفي حضوره تشعر أنك أمام قائدٍ لا يُؤله نفسه، بل يؤمن أنّ القوة في العدل، وأنّ القيادة في الخدمة، وأنّ السلطة بلا أخلاقٍ لا تساوي شيئاً.
الرجوب في ميزان التاريخ
سيكتب التاريخ يوماً أنّ جبريل الرجوب لم يكن مجرد رجلٍ في السلطة، بل كان ضميراً في جسد الدولة، وركناً من أركان الفكر الفلسطيني المعاصر.
جمع بين الهيبة والإيمان، الحزم والإنسانية، الشباب الدائم والوعي التاريخي، فكان نموذج القائد الذي يُلهم، لا الذي يأمر فقط.
وإذا كان لكلّ عصرٍ رجاله، فإنّ جبريل الرجوب هو أحد رجال هذا العصر الذين سيسجّلهم التاريخ في صفوف أولئك الذين خدموا وطنهم بعقلٍ مستنيرٍ وقلبٍ مؤمنٍ لا يلين.
- – البروفيسور الدكتور جمال محمود حسن حرفوش – 
 أكاديمي، باحث قانوني ومفكر في قضايا العدالة والسياسة
 شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
				 
			 
			 
			 
						
					 
						
					 
						
					 
						
					 
						
					 
						
					