القصيدةُ قطّةٌ بيضاءَ ، بقلم : نسرين حسن

القصيدةُ قطّةٌ بيضاءَ ، بقلم : نسرين حسن

في تمام السادسةِ من صباحٍ ناعمٍ
وعندما يضعُ الليلُ قفازيه في جيبه
ويختفي في مدارٍ بعيد
يدخل الضوء من إطارهِ الذهبي
تصمتُ الأرواحُ الشريرةُ في اللوحات
تتمطّى القمصانُ على الحبلِ
الساعةُ نتوءٌ مؤلمٌ
تسكُنها طاقةُ العقاربِ السّامةِ
الدّوامُ في الثامنة
الشايُّ ساخنٌ على الطاولة
لاوقت لي للفيسبوك والكتب
أو للبحثِ عن الحكمةِ في التفاصيلِ المعتمة
أنا من أكتبُ دوما عن الحرية
أقفُ بصفِّ العبيد والفقراء
أبحثُ عن الحشرات الصغيرة في الرؤوس
أحرّرها
وأرفعُ ذراعي عاليا لامتلأَ بالنجوم
أحزنُ كالموتى
وألقي ظلّاً لي كالسفينةِ على بقعةِ الماء في الشارعِ
الشارعُ الذي يزحفُ على الغبارِ والإطارات المطّاطيةِ للسرافيس
أعلمُ أن المقصلةَ من نصيب الشعوب اليائسة
أتحسّسُ عنقي كصنوبرةٍ
دمي كبحيرةٍ باردةٍ تغني فيها الضفادع
ذاكرتي ربيعٌ متأخرٌ
لاشيءَ يثيرُ القلق
لن تقيمَ الذئابُ اعتباراً لي
الجليدُ ينزلقُ تحتَ خاصرتي
الألمُ يطنُّ فوق رأسي
ثقبٌ ينحفرُ في أذنِ الزمنِ
عليَّ أن أقفزَ وأسبحَ بكلِ قوتي
و أخفي الندوب من قلبي
لأرى الوجودَ جميلاً
كدّقاتِ الطبلِ في المنامِ
ياءُ النسبةِ تتحولُ لألفٍ طويلةٍ
رائحةُ الخبزِ لم تعدْ لازمةً موسيقيةً
الجوعُ ينهضُ من فمِّ الوحشِ بصوفٍ كثيف
أحاديثُ صديقاتي صالحةٌ للموت
عن معاطفِ الفرو …النبيذ …مدافن الرّخام
يديرون ظهرهم لي
كأنّني ميّتةٌ قديمةٌ
عربُ هذا القرن ….مخطوطات الشعوذة
عليَّ أن أخرجَ من شقوقِ هذه الجدران
لأصرخَ وأكشفَ عن أسنانِ الشمس
عن حركاتِ الموج التّي تصلحُ للخطابةِ
أن أصبحَ كفكرةٍ قبلَ انطفاءِ اللفافة
وأصنعَ زورقاً من أقدمِ الحروف
وعندما ينبجسُ الملحُ أزرقاً من السطور
أزيلُ الصدأ من ممراتِ اللّغةِ
النصُّ خزامى والعطرُ يشعرني بالدوار
الضوءُ كعلامةِ الفأسِ على جذع الصور
والقصيدةُ قطّةٌ بيضاءَ
تخربشُ على ظهرِ الحياة
لهذا أكرهُ العنفَ والخناجرَ الجامدةَ كالأصابع
أحبُّ الحياة وهي تخرجُ فضيّةً من أوراقٍ أبريّة
أكرهُ القبح ويدهشني التوتُ الأحمر على ثوبِ ليلى
الجرسُ بعنقِ الذئب
الصوتُ في الداخل لانسمعهُ
سنعودُ في المغيبِ إلى البيت
مع قطعانِ الماعزِ
تركضُ خلفنا الجبال
تلمعُ عيوننا في ثلجِ الشّمال
تشعلُ الأمهاتُ لنا المصابيح
ترتفعُ نارُ خالدةٌ من المداخن
هناكَ كلما بحثتُ عن سماءٍ أحبّها
أجدني أرتطمُ بأرضٍ
تحبُّ أن ترثني فيها كلِّ جميل
عظامُ الموتى وقواقع الحلزون
دماغي يتحولُ لضبابٍ
والغابةُ زرقاءَ التّرابِ تكبرُ في رأسي
الطبيعةُ والوحوشُ هناك في سلامٍ
لكنكم لاترونهم…..

الشاعرة نسرين حسن