2:30 مساءً / 25 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

المستوطنون والحرب الشعواء على الزيتون في محافظة سلفيت ، بقلم : د. عمر السلخي

المستوطنون والحرب الشعواء على الزيتون في محافظة سلفيت ، بقلم : د. عمر السلخي

المستوطنون والحرب الشعواء على الزيتون في محافظة سلفيت ، بقلم : د. عمر السلخي

تُعدّ محافظة سلفيت عاصمة الزيتون الفلسطيني بلا منازع، إذ تسهم وحدها بنحو 15.5% من إجمالي إنتاج الزيتون القومي، وتغطي أشجار الزيتون ما يقارب 80% من أراضيها الزراعيه، هذا الإرث الزراعي ليس مجرد محصول موسمي، بل هو رمز للصمود والهوية الفلسطينية، يمتد جذره في الأرض منذ آلاف السنين، ويرتبط بالدين والتاريخ والاقتصاد ارتباطًا وثيقًا.

الزيتون.. رمز الأرض والعقيدة والصمود

في الموروث الديني، يُذكر الزيتون في القرآن الكريم كآية من آيات الله: “والتين والزيتون”، وفي الوجدان الفلسطيني هو شجرة مباركة لا تُثمر فقط زيتًا، بل انتماءً. أما اقتصادياً، فيعتمد مئات العائلات في محافظة سلفيت على موسمه كمصدر دخل رئيسي، سواء في إنتاج الزيت أو في الصناعات التراثية والغذائية المرتبطة به.

جدار الفصل… عزل الأرض عن أصحابها

غير أنّ هذه الشجرة المباركة باتت تواجه حربًا ممنهجة من قبل الاحتلال والمستوطنين، إذ عُزلت آلاف الدونمات من كروم الزيتون خلف جدار الفصل العنصري. دخول المزارعين إلى أراضيهم بات يحتاج إلى تصاريح إسرائيلية محدودة المدة، وغالبًا ما تُمنع في ذروة الموسم، في محاولة واضحة لضرب العلاقة اليومية بين الفلاح وأرضه.

الاستيطان والبنية التحتية كأداة اقتلاع

تتخذ الاعتداءات على الزيتون أشكالاً متعددة، أبرزها اقتلاع وقطع الأشجار بذريعة شق طرق استيطانية أو تمديد خطوط الكهرباء والمياه والمجاري لخدمة المستوطنات. في السنوات الأخيرة، سُجّل قطع آلاف الأشجار في بلدات فرخة، والزاوية، ورافات، ودير بلوط، وبديا، ووادي المطوي، وهي المناطق التي تحاصرها المستوطنات والبؤر الاستيطانية من كل اتجاه.

البؤر الاستيطانية والرعي… أذرع السيطرة الجديدة

لم تعد البؤر الاستيطانية مجرد مساكن عشوائية، بل تحوّلت إلى أدوات تهويد ورقابة على الأرض ، فالمستوطنون الرعاة يجوبون تلال محافظة سلفيت بحماية جيش الاحتلال، يعتدون على المزارعين، ويدخلون الأغنام إلى كروم الزيتون لتدميرها. في وادي المطوي غرب سلفيت وفي فرخة والعديد من البلدات والقرى، يواجه المزارعون منذ سنوات هجمات متكررة ، فيما تتواصل الاعتداءات في الزاوية ورافات حيث أقيمت بؤر رعوية جديدة لفرض واقع استيطاني زاحف.

نقمة المستوطنين على شجرة الزيتون

ما سرّ هذه الحرب على الزيتون؟


الجواب بسيط لكنه عميق: الزيتون هو رمز الجذور والبقاء، فشجرة الزيتون في الوعي الفلسطيني ليست مجرد شجرة، بل شاهد على هوية الأرض وحقّ أصحابها فيها ، وكلما بقيت الزيتونة مزروعة في التربة، ظلّ الاحتلال عاجزًا عن طمس الذاكرة. لذا، فإن حرب المستوطنين عليها ليست زراعية، بل سياسية واستيطانية تهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه، كما تُقتلع الشجرة من جذورها.

المزارعون… بين الألم والعونة والصمود

ورغم كل ذلك، يصرّ مزارعو محافظة سلفيت على العودة إلى كرومهم في كل موسم، يحملون أدواتهم وقلوبهم المليئة بالأمل.


في مواسم القطاف، تنتشر مبادرات “العونة”، حيث يتضامن الأهالي والطلاب والمتطوعون لمساعدة أصحاب الأراضي المحاذية للمستوطنات، ليحوّلوا موسم الزيتون إلى عرس وطني يعبّر عن وحدة الأرض والإنسان.

تتواصل الحرب الشعواء على الزيتون في محافظة سلفيت، لكنّ شجرة الصمود الفلسطيني ما زالت شامخة، تمتد جذورها في الأرض رغم الجرافات، وتظلّ أغصانها مرفوعة في وجه الاحتلال والمستوطنين، تحمل رسالة واضحة:

“كما تبقى الزيتونة في ترابها، يبقى الفلسطيني في أرضه مهما اشتدت العواصف.”

شاهد أيضاً

فوز ملاك أبو رعية و شهد الرزي و رنا هادية في الدورة الثالثة لجوائز القدس الشريف للتميز الصحفي

فوز ملاك أبو رعية و شهد الرزي و رنا هادية في الدورة الثالثة لجوائز القدس الشريف للتميز الصحفي

شفا – جرى، مساء أمس الجمعة، تتويج الفائزين في الدورة الثالثة لجوائز القدس الشريف للتميز …