11:30 مساءً / 22 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

فتح بين الذاكرة والمستقبل ، هل آن أوان الولادة الثانية ؟ ، بقلم: د. عمر السلخي

فتح بين الذاكرة والمستقبل ، هل آن أوان الولادة الثانية ؟ ، بقلم: د. عمر السلخي

فتح بين الذاكرة والمستقبل ، هل آن أوان الولادة الثانية؟ ، بقلم: د. عمر السلخي


في لحظةٍ فلسطينيةٍ يتزاحم فيها الإرهاق السياسي مع الحنين إلى البدايات، تقف حركة فتح أمام سؤالٍ جوهري: هل ما زالت الحركة قادرة على أن تكون المشروع الوطني الجامع كما كانت؟ أم أن الزمن تجاوزها حين غلبت السلطة على الثورة، والإدارة على الفكرة؟


فتح اليوم لا تحتاج إلى تجميلٍ للواقع، بل إلى ولادةٍ ثانية، إلى مراجعةٍ صادقة تُعيد لها روحها الأولى وتضعها مجددًا في موقع القيادة لا الوراثة.

من الثورة إلى الدولة.. ثم إلى التحدي

منذ انطلاقتها في ستينيات القرن الماضي، مثّلت فتح بوصلة الفلسطينيين نحو التحرر، وأطلقت شرارة الثورة التي وحدت الشعب تحت علمٍ واحدٍ وصوتٍ واحد، لكن بعد عقود من النضال والسلطة، ومع تراكم الأعباء والانقسامات، بدأت الحركة تفقد شيئًا من بريقها، وتبتعد عن نبض الجماهير التي صنعتها.


اليوم، تواجه فتح تحدي البقاء كقائدة للمشروع الوطني في زمنٍ تتغير فيه الأدوات والمفاهيم، وتتعقّد فيه الساحة الداخلية والخارجية.

التجميل لا يصنع نهضة

ليست الأزمة أزمة إعلام أو خطاب، بل أزمة بنية وتنظيم وفكر،البيانات والاحتفالات وحدها لا تكفي لإحياء حركةٍ حملت على عاتقها مسؤولية التحرير وبناء الدولة ،فتح بحاجة إلى عملية نقد ذاتي حقيقية، لا إلى لغة التبرير ،فالقوة لا تُستعاد بالشعارات، بل بالفعل والتجديد والمساءلة.

المراجعة لا تضعف… بل تُطهّر

حين تراجع فتح ذاتها، فهي لا تُضعف نفسها، بل تُعيد تثبيت شرعيتها التاريخية، المراجعة هي شكل من أشكال الشجاعة الوطنية، فالحركات الكبرى لا تخشى النظر في المرآة، ولا تهرب من الاعتراف بأخطائها، المطلوب اليوم وقفة صدق، تُعيد تعريف العلاقة بين فتح والشعب، وبين الحركة والسلطة، وبين القيادة والقاعدة.

من القاعدة إلى القمة.. إعادة البناء التنظيمي

فتح كانت دائمًا حركة الناس ، قوتها الحقيقية في قواعدها الشعبية لا في مكاتبها الرسمية، ولذلك، فإن أي تجديد حقيقي يجب أن يبدأ من القاعدة التنظيمية: من الميدان، من المخيم، من الجامعة، من النقابة، من القرية.


التنظيم الفاعل هو الذي يستمع ويشارك، لا الذي يُدار بالقرارات الفوقية، إعادة بناء الهرم التنظيمي من الأسفل إلى الأعلى هي الخطوة الأولى لاستعادة الثقة والحيوية.

العودة إلى البعد الوطني لا السلطوي

لقد أثقل عبء السلطة كاهل الحركة، فغابت تدريجيًا عن دورها الريادي في مقاومة الاحتلال، حان الوقت لتعود فتح إلى هويتها الأصلية كحركة تحرر وطني، لا كجهازٍ إداريٍّ مرتبط بوظائف السلطة، الناس لا يريدون فتحًا تفاوض باسمهم فقط، بل فتحًا تقاتل من أجلهم، وتحمي كرامتهم، وتُعبّر عن أحلامهم.

جيل جديد… بلغة جديدة

التحولات التكنولوجية والاجتماعية خلقت واقعًا جديدًا لا يمكن تجاوزه بالعقلية القديمة،جيل اليوم لا يبحث عن الشعارات، بل عن الفعل، عن المشاركة، عن صوتٍ يسمعه لا يُملى عليه.


إن تجديد القيادة وفتح الأبواب أمام الكفاءات الشابة ضرورة، لا خيار، الجيل الجديد يجب أن يكون شريكًا في صناعة القرار لا مجرد متفرّجٍ على التاريخ.

استعادة المشروع الوطني الجامع

حين وُلدت فتح، وُلد معها المشروع الوطني الفلسطيني الذي التف حوله الجميع، اليوم، هناك حاجة لاستعادته من جديد، ليكون بيتًا لكل الفلسطينيين ،وذلك لن يتحقق إلا عبر حوار وطني شامل يعيد بناء منظمة التحرير على أسس التعددية والانتخابات والمشاركة الشعبية.

لكي تبقى فتح…

لن تعود فتح إلى الصدارة بالذاكرة وحدها، بل بالفعل الجديد، وبالثقة المتجددة من الناس، حين تخرج من المكاتب إلى الشوارع، ومن البيانات إلى الميدان، ومن السلطة إلى الشعب، عندها فقط ستعود فتح لتكون كما كانت: صوت الوطن وضميره، وراية النضال الفلسطيني في وجه الاحتلال .

آن أوان الولادة الثانية

لقد وُلدت فتح من رحم الثورة، واليوم آن أوان ولادتها الثانية من رحم المراجعة، ولادة تعيدها إلى ذاتها، إلى مشروعها الأول، إلى صدقها مع الناس، وإلى الحلم الفلسطيني الكبير الذي لا يموت، ففتح التي وُلدت لتقود، ما زال بإمكانها أن تقود… إن هي اختارت أن تُولد من جديد.


ولادة تُعيد صياغة دورها الوطني بشجاعة، وتجدد روحها التنظيمية، وتمنح الأمل لجيلٍ يبحث عن معنى جديد للانتماء، فإن استطاعت أن تتجدد، ستبقى، وإن عجزت، فسيكتب التاريخ أن الفكرة التي حررت الأرض لا يجوز أن تُسجن في قوالب السلطة.

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم الاربعاء

اسعار الذهب اليوم الاربعاء

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الأربعاء 22 أكتوبر كالتالي :عيار 22 85.900عيار 21 82.000