9:55 مساءً / 22 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

ما بعد الحرب… بين شجاعة المقاومة وحكمة القيادة ، بقلم : معمر يوسف العويوي

ما بعد الحرب… بين شجاعة المقاومة وحكمة القيادة ، بقلم : معمر يوسف العويوي

لقد خاض شعبنا معركة البقاء ببطولة أسطورية، وواجه آلة القتل الإسرائيلية بصدورٍ عارية وإرادةٍ لا تُقهر.
لكن بعد أن خمد صوت المدافع، تبدأ الآن معركة الوعي والمراجعة — مراجعة الذات، وتقييم الأداء، وتحديد الطريق نحو ما بعد الحرب


بعد التضحيات الكبيرة التي دفع ثمنها شعبنا العظيم في غزة، وما رافقها من دمارٍ ومجازر وتهجير، لم يعد جائزًا أن نغضّ الطرف عن الأسئلة الكبرى، أو نكتفي بخطاب النصر والمكاسب مقابل الخسائر المؤلمة.

نعم، المقاومة حقّ وواجب، وهي شرفُ هذا الشعب وسرُّ بقائه، وستبقى ما بقي الاحتلال، وليست حكرًا على فصيل، ولا يُدار القرار الوطني من عقلٍ واحد أو من منطق الوصاية.


فمنذ انقسام عام 2007 بات الوطن يُدار بعقلية السيطرة لا الشراكة، وبمنطق “من ليس معي فهو ضدي”.
تحوّل الانقسام من خلافٍ سياسي إلى إدارةٍ منفصلة، تدير فيها حركة حماس قطاع غزة برؤيةٍ أحادية تحتكر القرارين السياسي والعسكري، وكأنها وحدها من تُعرّف الوطنية والمقاومة.


وفي المقابل، أُديرت الضفة الغربية بردّة الفعل نفسها، بمنطق الإقصاء لا الاحتواء، لتتعطل الجسور بين شطري الوطن، ويتحوّل المشروع الوطني إلى إدارةٍ يومية بلا أفقٍ تحرري.

إنّ التفرد بالقرار الوطني أضعف الموقف الفلسطيني، ومنح من خذلوا الشعب المبرّر، وفتح الباب أمام المتخاذلين والمطبعين لتبرير عجزهم تحت ذريعة “الانقسام الفلسطيني”.


وهكذا تحوّل الخلاف السياسي إلى عبءٍ وطني، أرهق القضية وأضعف جبهتنا الداخلية في مواجهة الاحتلال.

إن التجربة الفلسطينية عبر عقودٍ من النضال أثبتت أن العمل المقاوم والسياسي ليسا نقيضين، بل جناحان لمعركة واحدة؛ فالميدان يحمي القرار، والسياسة تُثمّر تضحيات الميدان. لا مقاومة بلا رؤية سياسية، ولا سياسة بلا عمقٍ نضالي يردع الاحتلال ويمنحه سببًا لاحترام الإرادة الفلسطينية.

أن المقاومة والسياسة جناحان لمعركةٍ واحدة: الميدان يحمي القرار، والسياسة تُثمّر التضحيات.
ولا يمكن لوطنٍ أن يطير بجناحٍ واحد، أو أن ينهض في ظل جناحٍ مكسور وآخر مغرور.
فلسطين بحاجة إلى جناحين متصالحين، يعملان في اتجاهٍ واحد — جناحٍ يقاتل بوعي، وآخر يفاوض بثبات — ضمن رؤيةٍ وطنية موحدة لا تُقصي أحدًا.

الاحتلال لا يرحم تشتتنا، بل يعيش عليه ويتغذى من خلافاتنا.
وقد آن الأوان أن ندرك أن الوطن لا يُدار بالعاطفة ولا بالشعارات، بل بالحكمة، وأنه لا يُختزل في تنظيم، بل يُبنى بتوافقٍ وطنيّ شامل.

إن اللحظة اليوم لحظة وعيٍ ومسؤولية،
فمن يحب فلسطين لا يتفرّد بقرارها،
ومن يضع نفسه فوق الآخرين ينسى أن دماء الشهداء سالت من أجل وطنٍ واحد، لا سلطتين ولا مشروعين

شاهد أيضاً

الأمن الوقائي يضبط مواد غذائية منتهية الصلاحية ودخاناً مهرباً شمال غرب الخليل

الأمن الوقائي يضبط مواد غذائية منتهية الصلاحية ودخاناً مهرباً شمال غرب الخليل

شفا – ضبط جهاز الأمن الوقائي في محافظة الخليل، كميات كبيرة من المواد الغذائية منتهية …