
حين نتأرجح بين الجبل والغُصن ، بقلم : ناديه كيوان
اليوم.. جلستُ طويلًا مع نفسي.
لم يكن حولي أحد، سوى صمت يملأ الغرفة، ونافذة تُطلّ على سماءٍ رمادية، كأنها تُحاورني بلونها الكتوم.
أدركت فجأة كم أتأرجح بين صورتين متناقضتين؛
أحيانًا أشعر أنني جبلٌ يواجه الرياح، أصلب مما يتوقعه الجميع، لا أنحني مهما اشتدت العاصفة.
وأحيانًا أخرى، أكتشف أنني مجرد غصن هشّ، تتحكم به نسمة عابرة، تكاد تكسره بسهولة.
في تلك اللحظات المزدوجة، ينهكني السؤال: من أنا حقًا؟ أأنا الجبل أم الغُصن؟ أم أنني الاثنين معًا؟
وحين يثقل عليّ التفكير، ألجأ إلى زاوية الصمت.
هناك، حيث لا أحد يسمعني ولا حتى أنا أسمع نفسي، يذوب الإحساس في فراغٍ بلا عنوان، فراغٍ يبتلع الوجع ويعيد صياغته إلى ملامح غامضة.
أتذكّر ما كتبتُه يومًا في همسات:
“الصمت أحيانًا هو أصدق اعترافٍ بوجعٍ لا يُقال.”
ربما كنت أكتب حينها عن غيري، لكنني اليوم أكتشف أنني كنت أكتب عن نفسي.
في صمتي هذا، تعلّمت أنّ القوة لا تُقاس فقط بقدرتي على الثبات، ولا الهشاشة هي علامة ضعف.
فالحياة تُريد منّي أن أكون الاثنين معًا: جبلًا أصدّ به ضربات القدر، وغُصنًا ألين به لأترك العاصفة تمرّ دون أن تقتلعني.
أهمس لنفسي من جديد:
“القوة ليست في كسر الضعف، بل في أن أحتضنه وأظلّ واقفة.”
أُغمض عينيّ قليلًا، وأبتسم.
أدركت أنّ كل هذا التأرجح هو ما يجعلني إنسانة. جبلٌ وغُصن، صمتٌ وصوت، ضعفٌ وقوة… وما بينهما جميعًا، قلبٌ يبحث عن سلامه الداخلي، بعيدًا عن عيون العالم.
ناديه كيوان