8:59 مساءً / 21 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

كيف يتعايش الأردن مع حقول الألغام السياسية المحيطة به ؟ ، بقلم : د. دانييلا القرعان

كيف يتعايش الأردن مع حقول الألغام السياسية المحيطة به؟ ، بقلم : د. دانييلا القرعان

يعيش الأردن فعلًا في جغرافيا مليئة بـ”الألغام السياسية” من كل صوب، أولاً، فلسطين، والصراع مع الإحتلال، ثانياً، سوريا، بما فيها من فوضى ونفوذ إقليمي ودولي، ثالثاً، العراق، وبكل ما يعنيه هذا من تعقيد طائفي وأمني، رابعاً، السعودية والخليج بمصالحه، تركيا وإيران بأطماع كل منهما.

من هنا نقول، إن تجنب هذه الألغام لم يكن بخطوة واحدة بل كان بإستراتيجية التدرج والتوازن التي نهجتها قيادته الهاشمية الفذة التي خبرت هذه اللعبة منذ عقود عبر إلتزامها بالإعتدال الإيجابي والمتوازن، ومحاولتها الجاهدة بعدم الإنخراط الحاد في المحاور المتصارعة من حولها، فهي وسطًا لا يعادي أحدًا بشكل مباشر لكن وهذا الأهم، لم يفرط قط في سيادته وثوابته، ولعل حرصه على كرامته سبب حفظه من الإنجرار في حروب الإقليم، وبراعته في التواصل مع مختلف القوى المتناقضة، من واشنطن وموسكو، من الخليج وإيران، الى أوروبا والعالم الإسلامي، فإن هذه المرونة في دبلوماسيته قللت من إحتمالية يكون هدفًا مباشراً لأي محور منهم لإستمرار من يحسد إنجازاته ويضمر الشر له من باب التجني عليه تحدياً لمواقفه المشرفة.

أما الملف الفلسطيني، الساحة الأخطر، الأردن يعتبر نفسه هو خط دفاع أول عن القدس والمقدسات، ومعروف أن تمسكه بهذا الدور مع خطابه المعتدل أعطاه شرعية عربية ودولية منعت عزله.

كما ويجب أن لا ننسى أنه مهما كانت السياسة الخارجية متزنة، لا بد أن يأتي خطره الأكبر من شأنه الداخلي، كتحسين الاقتصاد، أو معالجة الفقر والبطالة، لأن تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع جعله أقل عرضة للضغوط الخارجية والفوضى الداخلية، ويكفه أنه بنى سمعة قوية في مجال الأمن والإستخبارات، الأمر الذي يجعله شريك أساسي في مكافحة الإرهاب ويمنحه وزنًا أكبر ويكسبه حماية من الضغوط، فقد استطاع من ممارسته الحكيمة لسياسة الانفتاح الاقتصادي المتنوع تجنب خطورة تبني سياسة الإعتماد على مصدر واحد (خليجي أو غربي)، فتنويع الشراكة الاقتصادية مع آسيا وأوروبا، الفرس وأفريقيا، قلل من أثر الأزمات الإقليمية عليه.

أخيراً، تبقى الحنكة الهاشمية هي السر في هذا التعايش من خلال تدرجها في المواقف دون صدام مباشر، فلا أحد في الإقليم يعرف متى يصعّد خطابه، ومتى يخفف حدّته حسب مصلحته الوطنية، الا الأردن، لأنه يعتبر أن تجنب الألغام لا يكون بتفادي السير بل بالمشي الحذر، وبحساب كل خطوة بخطوة، وهكذا، ظل الأردن عصياً وواقفًا بثبات في منطقة عاصفة، مما جعله بإستمرار مصدر فخر لمواطنيه أولاً، وللأصدقاء ثانية.
.

شاهد أيضاً

بسام الصالحي

بسام الصالحي يرحب بإعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بدولة فلسطين

شفا – رحّب أمين عام حزب الشعب، بسام الصالحي، باعتراف كل من بريطانيا وأستراليا وكندا …