12:13 مساءً / 16 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

75 عامًا من الدفاع العربي المشترك ، صفر رصاص، ألف بيان ، بقلم : المهندس غسان جابر

75 عامًا من الدفاع العربي المشترك : صفر رصاص، ألف بيان ، بقلم : المهندس غسان جابر

منذ أن وُقّعت معاهدة الدفاع العربي المشترك في صيف عام 1950، والعرب يعيشون على وهم أن الورق يمكن أن يتحول إلى جيوش، وأن البنود يمكن أن تصبح مدافع، وأن البيانات يمكن أن تردع طائرات. خمسة وسبعون عامًا مرّت، تغيّرت فيها خرائط العالم، سقطت إمبراطوريات وقامت أخرى، لكن الاتفاقية التي وُلدت في الإسكندرية بقيت كما هي: نصوص محفوظة في أدراج الجامعة العربية، تتلوها الأجيال كأنها آيات من كتابٍ مقدّس، دون أن تلمس الأرض أو تصنع واقعًا.

اليوم، ونحن أمام بيان قمة الدوحة في سبتمبر 2025، نجد أنفسنا أمام المشهد ذاته: إسرائيل تقصف قلب العاصمة القطرية، تستهدف مدارس وحضانات ومقار دبلوماسية، والعرب يجتمعون في قاعة فخمة، يرفعون أصواتهم بالشجب والإدانة، ويختمون بكلمات كبرى عن التضامن والوحدة. الفارق الوحيد أن إسرائيل لم تعد تأبه حتى بالديكور، فهي تعرف أن ما يخرج من هذه القاعات لن يتجاوز حدود الورق الذي كُتب عليه.

هل شعرت إسرائيل بالخوف؟ بالطبع لا. بالكاد ساورها قلق عابر من رد فعل دبلوماسي غربي، أما العرب فقد جربتهم مرارًا: حين تُقصف غزة، تصدر بيانات؛ حين تُحاصر بيروت، تصدر بيانات؛ وحين تُضرب الدوحة، تصدر بيانات. إسرائيل تعرف أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك لم تتحرك يومًا، وأن الجيوش التي وُعدت بالوحدة والقيادة المشتركة لم تجتمع إلا على شاشات الأخبار.

أما غزة، فهي الضحية الدائمة لهذه المسرحية. لم تجد يومًا في معاهدة الدفاع سندًا، ولم ترَ في بيانات القمم أكثر من كلمات عزاء. غزة وحدها كانت دائمًا على خط النار، وحدها التي دفعت الثمن بدمها، بينما كان “الدفاع العربي المشترك” غائبًا، لا يملك من أمره سوى الصمت أو الكلام.

المفارقة التي لا تحتاج إلى كثير شرح أن معاهدة 1950 وعدت بالسيف، وبيان 2025 اكتفى بالصوت. الأولى تحدثت عن جيوش مشتركة، والثانية عادت إلى معجم الشجب والتنديد. النتيجة النهائية أن إسرائيل لا تزال تمارس هوايتها في القصف والتوسع، بينما العرب يمارسون هوايتهم في كتابة البيانات وتلاوة الخطب.

إن إسرائيل لم ترتعب من قمة الدوحة، ولم ترتجف أمام ذكر معاهدة الدفاع العربي المشترك، لأنها تعرف أن العرب لا يجتمعون إلا على الكلام، وأن البنادق التي كان يفترض أن تكون عربية وموحدة، تحولت إلى حدود مغلقة وجيوش مرابطة في الداخل أكثر مما هي متأهبة للدفاع عن الأمة.

هكذا يصبح السؤال مشروعًا: هل نملك دفاعًا عربيًا مشتركًا حقًا؟ أم أننا نملك نصًا قديمًا يقرأه وزراء الخارجية كلما احتاجوا إلى واجهة تاريخية؟ وهل نملك قمة طارئة فعلًا؟ أم أننا نملك قاعة فخمة تصدر منها بيانات جديدة تضاف إلى مكتبة قديمة؟

الخلاصة التي لا مهرب منها أن إسرائيل تُدرك المعادلة جيدًا: نحن نكتب، وهم يقصفون. ونحن نتحدث عن الدفاع المشترك، وهم يمارسون العدوان المشترك على كل مدينة عربية تقع في مرمى صواريخهم.

“منذ خمسة وسبعين عامًا نرفع الورق في وجه الصواريخ، وإسرائيل تعرف أن الورق لا يقتل.”

  • – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

رغم فوائده.. أخصائية تكشف متى يصبح العنب خطرا على الصحة

شفا – أفادت الدكتورة ليودميلا سوخوروكوفا، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، بأنه لا يُنصح بتناول العنب …