11:36 مساءً / 4 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

” عصا موسى ” في مواجهة ” عربات جدعون 2 ” ، بقلم : راسم عبيدات

” عصا موسى ” في مواجهة ” عربات جدعون 2 ” ، بقلم : راسم عبيدات

بعد أن تفككت “عربات جدعون 1” أمام “حجارة داود”، ولم تتمكن من تحقيق أهدافها العسكرية والأمنية في القضاء على المقاومة أو استعادة الأسرى، جاء فشل تلك العملية —حسب التقرير السري الصادر عن الجيش، والذي نشرت أجزاء منه القناة العبرية الثانية عشر— بسبب التركيز على تجنب الخسائر على حساب إنجاز المهمة، إضافة إلى أن الجيش خاض تلك المعركة بروح قتالية منخفضة، مع تهالك معداته العسكرية ونقص في العنصر البشري.

وما ينطبق على “عربات جدعون 1” ينطبق على “عربات جدعون 2″، التي ستواجه “عصا موسى”، التي وضعها موسى أمام سحرة وكهنة فرعون، إذ سعت بينهم كأنها أفعى فهربوا منها. كذلك هي “عربات جدعون 2”: بدأ الجيش عمليته في حي الزيتون، وحيّ الزيتون قال كلمته من خلال عمليات نوعية وكمائن، مخلفة قتلى وجرحى من جيش الاحتلال، ناهيك عن تدمير العديد من آلياته ودباباته.

عمليات “عربات جدعون 2” تُخاض خلال نقص في العنصر البشري، بسبب تمرد جنود الاحتياط عن الالتحاق بوحداتهم، ورفض اليهود الحريديم التجنيد. العدد الذي كان مقررًا تجنيده لهذه الحرب الإجرامية انخفض من 200 ألف إلى 100 ألف، ثم إلى 60 ألف، ثم إلى 30 ألف؛ والثلاثون ألفًا الباقون التحقوا بالقوات الجوية والبحرية والمراكز الإدارية.

كما قُصّرت مدة الحسم وتحقيق الأهداف، فقلّت من عام ونصف إلى أشهر، ثم إلى عدة أسابيع، بناءً على طلب ترامب، بسبب ما أثارته تلك العملية من خسائر لإسرائيل على الصعيد العالمي، وما تنذر به من انهيار داخلي إسرائيلي.

هذه العملية العسكرية الواسعة تُخاض —أو ستُخاض— بجنود غير مدربين وقوات احتياط غير محترفة، ناهيك عن الاهتلاك وتراجع الروح المعنوية لدى جيش الاحتلال، وقناعتهم بأن هذه الحرب بلا أفق، وأن هدفها فقط خدمة المصالح السياسية والشخصية لنتنياهو وحكومته. لذلك، من المتوقع أن تتفكك “عربات جدعون 2” أمام “عصا موسى”، فالأرض تقاتل مع أهلها بروحهم المعنوية العالية، والصمود الأسطوري لأهل غزة.

ولا نغفل أن الثورة العالمية ضد إجرام جيش الاحتلال ومجزرة التجويع والحصار بدأت تدق أبواب المقرات الحكومية للدول الداعمة للاحتلال. يستعد “أسطول الصمود العالمي” المكوّن من مئات السفن والقوارب وأكثر من 5000 متضامن للابحار نحو غزة لكسر الحصار عنها. وهذا من شأنه أن يراكم خسائر دولة الاحتلال على صعيد العلاقات الدبلوماسية والسياسية والتجارية والاقتصادية، كما يعرقل تزويدها بالسلاح، ويسقط الرواية والسردية الإسرائيلية التي يوظف فيها “الهولوكوست” وعبارة “معاداة السامية” ضد كل من ينتقد “بقرتهم المقدسة” أو يطالب بفرض عقوبات عليها بسبب خرقها القانونين الدولي والإنساني وارتكابها جرائم حرب وإبادة جماعية —كما أكدت المؤسسات الدولية وكل دول العالم باستثناء أمريكا، الشريك المباشر في هذه الحرب العدوانية.

رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيورا آيلاند، قال لـ”القناة 12″ يوم أمس الخميس إن “العملية في غزة أثمانها واضحة جدًا”. وأشار إلى أن هذه “الأثمان الخمسة” هي: موت الأسرى، ومقتل وإصابة الكثير من الجنود، إضافة إلى إنهاك تشكيل الاحتياط، وارتفاع الأثمان الاقتصادية، وتدهور العلاقات الدولية لإسرائيل.

وتعجّب من عدم صدور توضيح من أحد: “كيف للعملية في غزة أن تحقق الشيء الذي لم يتحقق خلال الأشهر الـ23 الأخيرة؟” وأضاف: “بعد 23 شهراً، من الواضح أننا لم نحقق أهداف الحرب، ومن الجدير أن يسأل الكابينت نفسه لماذا لم نحقق أهداف الحرب”.

وفي هذا السياق أيضاً، يجمع مسؤولو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية (الجيش، الشاباك، الموساد، والاستخبارات العسكرية) على رفض العملية العسكرية في مدينة غزة، ويؤيدون اتفاقاً جزئياً لتبادل الأسرى، كونهم يرون الهجوم الواسع على غزة غير ضروري وغير مجدٍ. وانضم لأول مرة وزراء من حزب “الليكود” نفسه إلى المعارضة. وفقاً لما سربته صحيفة “هآرتس” نقلاً عن مصادر أمنية، “فوجئ” المسؤولون الأمنيون في جلسة الكابينت بالوزراء مثل وزير الخارجية جدعون ساعر، وزيرة العلوم والتكنولوجيا غيلا غمليئيل، ووزير التعاون الإقليمي دافيد أمسلم، وحتى وزير العدل يريف ليفين، وهم يشككون في جدوى الهجوم على غزة.

ووصل بالوزير أمسلم التحذير من تحول غزة إلى “فيتنام لإسرائيل”، فيما نبّه ساعر إلى تدهور مكانة إسرائيل الدولية. وعلى المستوى نفسه، جاء تحذير رئيس الأركان إيال زامير واضحاً ومباشراً حين قال: “أنتم ذاهبون إلى حكم عسكري. التخطيط الخاص بكم يقودنا إلى هناك”.

إلى ماذا يشير هذا؟


يشير هذا الرفض من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين ووزراء الليكود للعملية العسكرية الواسعة في غزة إلى وجود انقسام عميق ومخاوف جدية داخل المؤسسة الإسرائيلية نفسها بشأن الجدوى والمخاطر والتداعيات المتوقّعة.

في هذه العملية العسكرية سيُقتل الإسرائيليون الكثير، منهم أطفال ونساء، كما سيزداد حجم الدمار، محولاً قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للسكن، حيث باتت 88% من منازلها مدمّرة، وبنيتها التحتية ومشافيها ومراكزها الصحية خرجت عن الخدمة. لكن إسرائيل ستخسر الكثير كذلك، إذ أن أرواح الشهداء تتحول إلى متظاهرين، والقوارب الزاحفة نحو سواحل فلسطين تصبح رموزًا. لكن مصير الحرب سيتقرر في ميدان يخسره الإسرائيليون رغم كل عناصر القوة التكنولوجية التي بين أيديهم، في حين يقاتل الفلسطينيون بإيمانهم وما يكفيهم من الأسباب، ليكتبوا فصلاً جديداً من حروب الحرية.

فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الخميس 4 سبتمبر كالتالي :عيار 22 74.300عيار 21 70.900