
لون الحزن بالقصيدة ، بقلم : همام الطوباسي
يكلّم القلمُ ضميري ويقول:
“كيف لكم أن تنسوا فضلي، وتفصلوني عن معشوقتي الورقة البيضاء، وتكتبون عبر الهواتف الذكية أجمل العبارات؟”
قلت له: “إن خطي رديء، فسامحني يا صديقي.”
فأجابني: “وهنا تستخدمون؟”
ثم صمتنا معًا، لأننا شعرنا ببُحّة صوت قادم من خلف الأشجار والتلال.
إنه العقل، حيث قال:
“اصمت يا هذا، لا تعاتب كاتبًا يستخدم عقله، بل عاتب من يؤمنون بالذكاء الاصطناعي.
لقد أصبحتُ عجوزًا بعدما كنت سيّد قومي.
كيف لهم أن يستعملونني في الخير كما يستعملونني في الشر؟”
ثم أطلّ صوت امرأة من نفس تلك التلال ، وقد سبقتها سعلتُها
“أنا القصيدة اليتيمة، ونشيد اليمام.
أنا التي أحمل على كاهلي حروف الأبجديات الثمانية والعشرين،
أنا من علّمت بني آدم فن الخطابة والكلام،
وانا من جعل الرحمنمن خلالي آيات القرآن.
تخلّى عنّا معظم الناس، وأصبحوا يستعملون الذكاء الاصطناعي في الحوار والفكر والكلام.
لا تَلُم أيها القلم شاعرًا لا يعرف الاستسلام،
ولا تلُم أيها العقل كاتبًا أنقذته إعاقة، فجعلت قدميه القوافي والقصائد والكتب والاقلام.”
هنا بكيت خجلاً وقلت:
“أعاهدك يا قلمي أن أعلّم حبك الأجيال القادمة،
وأعاهدك يا عقل أن أجعل أطفالي الصغار يفكرون بحرية مطلقة،
وأنتِ يا قصيدة اليمام، أعاهدك أن أجعل من كتاباتي شعرًا جميلاً يُدرّس كل عام.
أعدكم جميعًا أن أكون لكم تلميذًا نجيبًا أمينًا،
ملأ قلبه قبلة منكم وإليكم.”
تسللت دمعة من عيني، وندمت أني خاطبت من يدّعون الثقافة،
في زمن تُقتل فيه أحلام الصغار.