7:45 مساءً / 1 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

الإعمار مقابل التنازل ، فخ أمريكي لاستبدال الحق بالمنحة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

الإعمار مقابل التنازل : فخ أمريكي لاستبدال الحق بالمنحة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

منذ سنوات طويلة، يشكل قطاع غزة قلب الوطنية الفلسطينية وميدان التضحية والصمود. هو ليس مجرد جغرافيا محاصرة، بل رمز لمعركة الحرية، حيث قدّم الشعب الفلسطيني تضحيات جسيمة في سبيل الحفاظ على حقوقه الوطنية والتاريخية. لكن أمام هذا الصمود، تحاول الولايات المتحدة من جديد صياغة خطة لقطاع غزة، تُسوّق على أنها إنسانية واقتصادية، بينما هي في جوهرها احتلال جديد بصيغة اقتصادية.

إن ما يُطرح اليوم من مشاريع اقتصادية تحت عنوان “إعمار غزة” أو “تحسين الظروف الإنسانية”، لا ينفصل عن السياسات الأمريكية القديمة التي طالما تعاملت مع القضية الفلسطينية باعتبارها ملفًا إنسانيًا يمكن تسكينه بالمنح والمساعدات، بعيدًا عن جوهر الصراع: الاحتلال وحق الشعب في تقرير مصيره. هذه المشاريع، إذا جاءت بمعزل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية، فإنها تتحول إلى فخ استراتيجي هدفه شطب الحقوق التاريخية واستبدال السيادة بالوصاية.

الخطة الأمريكية الجديدة، مهما اختلفت أدواتها، ليست سوى امتداد لـ”صفقة القرن”، لكن بملامح أكثر نعومة. فهي تحاول أن تجعل من غزة مساحة للاستثمار، لا جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية الفلسطينية. إنها تسعى إلى فرض معادلة خطيرة: الإعمار مقابل التنازل، حيث يُختزل الحق الوطني في مساعدات إنسانية ومشاريع اقتصادية مرتبطة بشروط سياسية تمهّد لتصفية القضية الفلسطينية.

إن الشعب الفلسطيني لم يضحِّ لعقود طويلة، ويقدّم الشهداء والأسرى والجرحى، كي يُكافأ ببعض المشاريع الاقتصادية المرهونة بإرادة الخارج. فغزة ليست للبيع، وليست مشروعًا استثماريًا قابلًا للتفاوض، بل هي ملك للوطنية الفلسطينية، وملك لشعبها الذي صمد في وجه الحصار والعدوان، وأثبت أن كرامته وحقوقه أغلى من كل المنح.

الخطر الأكبر في مثل هذه الخطط يكمن في محاولتها إعادة صياغة الاحتلال: فبدل الدبابة والسلاح، يُستخدم المال والمشاريع كأدوات للسيطرة، وبدل القهر العسكري المباشر، يتم السعي لتطويع الفلسطيني عبر ربط لقمة عيشه بمشاريع مرهونة بالقرار الأمريكي والإسرائيلي. إنها محاولة لخلق “واقع اقتصادي تابع”، يضعف المشروع الوطني ويُفرغ النضال من معناه.

لذلك، فإن الرد الفلسطيني على هذه الخطة يجب أن يكون حاسمًا وواضحًا:

لا إعمار بلا سيادة.

لا مشاريع بلا دولة.

لا مستقبل لغزة إلا ضمن الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين في العودة.

إن مقاومة هذه المؤامرة لا تقتصر على رفضها سياسيًا، بل تستلزم تعزيز الوحدة الوطنية، وتحشيد كل الطاقات الشعبية والسياسية للتأكيد أن غزة ليست ساحة لتجريب المشاريع الاستعمارية، بل هي قلب فلسطين ورمزها، وبوابة الحرية والاستقلال.

الخلاصة: أي خطة أمريكية تتجاوز الثوابت الوطنية ليست سوى مؤامرة جديدة لإقامة دولة بلا سيادة وشعب بلا حقوق. والفلسطينيون، الذين أفشلوا “صفقة القرن”، قادرون على إفشال أي نسخة جديدة من الاحتلال مهما تبدلت أدواته.

شاهد أيضاً

مستوطنون يحرقون أراضي زراعية في بلدة سعير شمال شرق الخليل

مستوطنون يحرقون أراضي زراعية في بلدة سعير شمال شرق الخليل

شفا – أحرق مستوطنون، مساء اليوم الإثنين، أراضي زراعية في بلدة سعير، شمال شرق الخليل. …