3:19 مساءً / 26 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

روح شانغهاي تقود اتجاه العصر: منظمة شانغهاي للتعاون تحقن الحكمة الشرقية في الحوكمة العالمية ، بقلم : تشو شيوان

روح شانغهاي تقود اتجاه العصر: منظمة شانغهاي للتعاون تحقن الحكمة الشرقية في الحوكمة العالمية ، بقلم : تشو شيوان


من المتوقع أن تُعقد قمة منظمة شانغهاي للتعاون في مدينة تيانجين خلال الفترة من 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر، حيث سيجتمع الرئيس الصيني شي جين بينغ مع أكثر من 20 زعيماً أجنبياً و10 رؤساء لمنظمات دولية، في أكبر تجمع من نوعه منذ تأسيس المنظمة، ولا تمثل هذه القمة إنجازاً مهماً في مسيرة التعاون الإقليمي فقط، بل تُقدم أيضاً حلولاً للعالم من جانب منظمة شانغهاي للتعاون لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، وهو ما يستحق اهتماماً خاصاً من قبل دول العالم والدول العربية أيضاً، لأن الصداقة والعلاقات الثنائية المميزة بين الصين والدول العربية تفتح مجالاً لتعاون أكبر وفرصة لتبادل الخبرات.

السؤال المطروح على الطاولة بشكل موسع حالياً، كيف تمكنت منظمة شانغهاي للتعاون من النمو بهذه السرعة خلال 24 عاماً فقط؟، لتصبح قوة دولية كبرى تضم 26 دولة من آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتشمل نصف سكان العالم وربع الناتج الاقتصادي العالمي؟ ويكمن الجواب في مبدئها التأسيسي المعروف بـ “روح شانغهاي”، الذي يقوم على أسس الثقة والمنفعة المتبادلة، والمساواة، والتشاور، واحترام التنوع الحضاري، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، وهذه المبادئ يتجاوز أنماط التفكير القديمة المستندة إلى الحرب الباردة ومعادلة “المحصلة الصفرية”، ويمهد الطريق نحو نموذج جديد من العلاقات الدولية، نموذج تقوده الصين وتريد منه حياة أفضل لسكان العالم وعلاقات دولة أكثر تماسكاً وتشاركاً عوضاً عن الصراع والأحادية.

وفي ظل تصاعد النزعة الأحادية وتكرار الصراعات الجيوسياسية والتحديات العميقة التي تواجه نظام الحوكمة العالمي، تزداد أهمية قيم التعاون متعدد الأطراف والتعايش الحضاري التي تتبناها منظمة شانغهاي للتعاون، أما بالنسبة للعالم العربي على وجه الخصوص، فإن النموذج الشامل للتعاون الإقليمي الذي تقدمه المنظمة يتوافق بشكل وثيق مع القيم الإسلامية المستندة إلى التشاور والمنفعة المتبادلة والعدالة، ولا يقتصر دور المنظمة على تعزيز التعاون العملي في مجالي الأمن والاقتصاد، بل تقدم كذلك نموذجاً رائداً للحوار بين الحضارات.

من منظور أوسع، تتعزز العلاقات بين منظمة شانغهاي للتعاون والعالم العربي باستمرار، وقد أصبحت عدة دول عربية شركاء حوار أو مراقبين للمنظمة، ويتكامل الجانبان بشكل كبير في مجالات مثل أمن الطاقة، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وربط البنية التحتية، وقد ساهم نجاح انعقاد قمة “منظمة شانغهاي للتعاون+” في أستانا العام الماضي في توسيع نطاق التعاون بين المنظمة والشرق الأوسط، ومن وجهة نظري أن الشرق الأوسط وما يعانيه من أزمات متلاحقة يحتاج لشركاء دوليين جدد قادرين على دفعه نحو الاستقرار والتنمية، وأجد أن منظمة شانغهاي للتعاون أرضية مناسبة لتحقيق ذلك.

بصفتها الدولة المضيفة لهذه القمة، أكدت الصين على نهج حوكمة إقليمية يُعطي الأولوية للتنمية والأمن المنسق والتعايش بين الحضارات، وهذه المقترحات لا تخدم مصالح الدول الأعضاء فحسب، بل تُقدم أيضًا خيارًا تعاونيًا بديلًا للدول النامية، بما فيها الدول العربية، وهذا النهج يتجنب الاعتماد على النظام الغربي، ويدعو إلى نموذج إقليمي يتميز بالمساواة والتشارك والبراغماتية والاستقرار، وما أحوج العالم لهكذا نموذج وأجد أن العالم بدأ يعي هذه المسألة ويؤمن بأن التشاركية لم يعد خياراً مطروحاً بل ضرورة ملحة يجب أن نصل لها لحقن الدماء ووقف الحروب وبناء مستقبل أكثر إشراقاً.

ومن الجدير بالذكر اعتماد إعلان تيانجين واستراتيجية التنمية العشرية لمنظمة شانغهاي للتعاون خلال هذه القمة، إلى جانب بيان مشترك لإحياء الذكرى الثمانين للانتصار في الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة، وتشكل هذه المخرجات تأكيداً جديداً على الالتزام بالتعددية واحترام القانون الدولي، بما يجسد في الوقت ذاته الدعوة العربية الثابتة إلى قيام نظام دولي أكثر عدلاً وإنصافاً.

ويعكس المسار التصاعدي لمنظمة شانغهاي للتعاون الحيوية المتجددة لـ “روح شانغهاي”. ففي عالم مضطرب وسريع التحولات، لم تعد المنظمة مجرد آلية للتعاون الجيوسياسي، بل باتت تمثل رؤية مستقبلية للحوكمة العالمية: استبدال المواجهة بالحوار، وترسيخ الأمن عبر التنمية، وتعزيز التقدم المشترك للبشرية من خلال احترام تنوع الحضارات.

يمكن للدول العربية أن تكون شركاء ومشاركين مستقبليين مهمين، في جهود منظمة شانغهاي للتعاون لبناء نظام دولي أكثر مساواة وشمولاً، وكما قال الرئيس شي جين بينغ: “يجتمع الأصدقاء الجيدون والشركاء الجدد لمناقشة القضايا الرئيسية”. وهذا يُجسّد بحق “روح شانغهاي” في العصر الجديد، روح شانغهاي الذي سيصبح انطلاقة جديدة نحو عالم جديد؛ عالم قوامه التشاركية والتعددية والمصير المشترك.

إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

شاهد أيضاً

النضال الشعبي : سلفيت تتعرض لاوسع هجمة استيطانية وتدعو لتكثيف الفعاليات وتوفير مقومات الصمود للمواطنين

النضال الشعبي : سلفيت تتعرض لاوسع هجمة استيطانية وندعو لتكثيف الفعاليات وتوفير مقومات الصمود للمواطنين

شفا – حذرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني من مشروع المخططات الاستيطانية في محافظة سلفيت، الأمر …