2:48 مساءً / 22 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه : من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلال الديني .. ، بقلم : د. وسيم وني

الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه : من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلال الديني .. ، بقلم د. وسيم وني

الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه : من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلال الديني ..، بقلم د. وسيم وني

الحريق الذي لم ينطفئ

في 21 آب/أغسطس 1969، التهمت النيران أروقة المسجد الأقصى، فأحرقت زخارفه النادرة ومصاحفه ونوافذه وأثاثه التاريخي ، لم يكن ذلك مجرد حادثة، بل كان بداية لمسار طويل هدفه طمس هوية المسجد وتحويله إلى ساحة صراع ديني وسياسي.

“الأقصى لم يُحرق حجراً فحسب، بل أُريد به حرق هوية أمة بأكملها.”

من الترميم إلى المواجهة

على مدى عقود، واجه المسجد الأقصى سياسة إسرائيلية ممنهجة: اقتحامات يومية للمستوطنين بحماية الشرطة الإسرائيلية، رفع الأعلام الإسرائيلية في باحاته، أداء طقوس توراتية علنية، ومحاولات ذبح القرابين الحيوانية خلال الأعياد اليهودية.

لكن القدس لم تقف مكتوفة الأيدي؛ فالهبات الشعبية المتعاقبة – من هبّة باب الأسباط (2017) إلى هبّة باب الرحمة (2019) وصولاً إلى اعتكافات رمضان واقتحام 28 رمضان 2021 – أثبتت أن المقدسيين يشكلون السور الحقيقي الذي يحمي المسجد وهويته.

صمت دولي وتقصير عربي

رغم خطورة ما يجري في المسجد الأقصى، فإن الموقف الدولي لا يتجاوز بيانات التنديد، في حين تظل القرارات الأممية حبيسة الأدراج دون أي تنفيذ على الأرض ، أما الموقف العربي والإسلامي، فغالباً ما يكتفي بخطابات موسمية لا ترتقي إلى مستوى حجم الخطر المحدق بالأقصى.

هذا الصمت فتح المجال أمام الاحتلال لفرض أمر واقع جديد، مستغلاً الانقسام الفلسطيني والانشغال العربي بصراعاته الداخلية، ليحوّل الأقصى من قضية مركزية للأمة إلى ملف ثانوي يُطرح فقط عند الأزمات.

غياب الفعل العربي والإسلامي هو ما شجّع الاحتلال على المضي أبعد في مشروعه التهويدي.

المقدسيون.. خط الدفاع الأول

رغم شراسة الاحتلال، ظلّ المقدسيون على مدار العقود الماضية الدرع الحامي للمسجد الأقصى، شباب القدس ونساؤها وشيوخها شكّلوا بأجسادهم وأصواتهم سداً منيعاً أمام محاولات الاقتحام والتهويد، لتتحول الصلاة والاعتكاف والرباط إلى أدوات مقاومة شعبية يومية.

لقد أثبتت هذه الحاضنة الشعبية أن المسجد الأقصى ليس وحيداً، وأنه مهما بلغت قوة الاحتلال، فإن صمود أهلنا في القدس وإصرارهم على الدفاع عن هويته كفيل بإفشال المخططات الصهيونية.

المقدسيون هم العنوان الأول للمعركة، وحضورهم في الساحات أقوى من كل سلاح.

التقسيم والتهويد

لم يقتصر المشروع الصهيوني على التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، بل اتجه نحو إحلال ديني كامل ، الاحتلال يسعى لتحويل المسجد إلى “مقدس مشترك”، عبر ثلاث مسارات واضحة:

• التقسيم الزماني: تخصيص أوقات محددة لاقتحامات المستوطنين.

• التقسيم المكاني: محاولات السيطرة على المنطقة الشرقية وباب الرحمة.

• الطقوس التوراتية: إدخال شعائر يهودية لتكريس “هوية بديلة”.

• الأقصى أصبح ميدانًا لمحاولة إعادة كتابة التاريخ بقداسة زائفة.

قوس التهويد

ما يجري في القدس يتكامل ويتماهى مع مخطط أوسع يمتد من الخليل وبيت لحم وصولاً إلى القدس، فيما يشبه “قوسًا تهويديًا” يربط بين مراكز توراتية مزعومة ، الهدف ليس فقط السيطرة الجغرافية، بل إعادة تشكيل الهوية الرمزية للأرض، وتحويلها إلى ما يسمى “جغرافيا مقدسة يهودية”.

من جماعات متطرفة إلى سياسة رسمية

ما كان يُعتبر يوماً مشروعًا لجماعات استيطانية هامشية، بات اليوم سياسة رسمية للدولة العميقة في إسرائيل.

فالحكومة، الجيش، الشرطة، والمحاكم جميعهم يسيرون في اتجاه واحد: فرض الأمر الواقع في الأقصى، مستندين إلى دعم مباشر من جماعات “الهيكل” التي تمثل رأس الحربة في الاقتحامات.

وأخيراً الأقصى ليس مجرد مسجد يتعرض لانتهاك، بل هو عنوان لمعركة أكبر: معركة على الهوية والسيادة والوجود. ومنذ إحراقه قبل أكثر من نصف قرن حتى اليوم، ظلّ رمزاً للصراع ومفتاحاً للتحرر.


أي صمت أو قبول بمحاولات الاحتلال فرض سيادة على الأقصى هو خيانة لمبدأ المقاومة وتفريط بقضية الأمة.


فالأقصى ليس حجراً ولا معْلماً أثرياً، بل هو قلب فلسطين وروحها، ومنه تبدأ حكاية الصراع، وإليه تنتهي معركة الحرية.

  • – د. وسيم وني – عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

شاهد أيضاً

الرئيس شي يعتزم حضور قمة منظمة شانغهاي للتعاون في تيانجين واستضافة فعاليات ذات صلة

شفا – يعتزم الرئيس الصيني شي جين بينغ حضور قمة منظمة شانغهاي للتعاون 2025، التي …