12:17 صباحًا / 13 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

من الجبهة إلى الجيب الإيراني ، كيف تحوّل خطاب المقاومة إلى تملق سياسي ؟ بقلم : الصحفي سامح الجدي

من الجبهة إلى الجيب الإيراني : كيف تحوّل خطاب المقاومة إلى تملق سياسي؟ بقلم : الصحفي سامح الجدي

في تصريح أثار الكثير من الاستغراب، قال جميل مزهر، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن “إيران شكّلت رأس حربة محور القدس الذي تأسس لمواجهة المحور الأمريكي الإسرائيلي”، مضيفًا أن “عوامل الانتصار على الاحتلال أصبحت أكثر وضوحًا”. لكن خلف هذا التصريح، الذي يبدو ظاهريًا ثوريًا، تكمن مفارقات كبرى لا يمكن تجاهلها، أهمها تحوّل الخطاب من موقف وطني مستقل إلى ترويج ساذج لأجندة خارجية، وبالتحديد التموضع في الجيب الإيراني تحت ستار “المقاومة”.

إيران .. رأس حربة أم صاحب أجندة؟

أن تُصوَّر إيران على أنها رأس حربة في مواجهة الاحتلال، فيه مغالطة سياسية وأخلاقية. إيران، كما هو معلوم، تتبنى مشروعًا إقليميًا واضحًا يسعى لتوسيع نفوذها من العراق إلى سوريا فلبنان واليمن، وما دعمها لبعض حركات المقاومة إلا ورقة ضغط إقليمية تُوظَّف بحسب مصالحها، لا بحسب مصلحة الشعب الفلسطيني.

الغريب أن يصدر هذا الكلام عن قيادي في تنظيم ماركسي–قومي، طالما رفع شعار الاستقلالية السياسية عن المحاور، ليتحوّل اليوم إلى مروّج دعائي لمشروع ديني–طائفي خارجي. هنا يُطرح سؤال مشروع: هل نحن أمام انحراف سياسي مبرمج، أم أن الدولار الإيراني فعل فعله؟

من الخطاب الثوري إلى مسح الجوخ

لطالما عُرفت الجبهة الشعبية بمواقفها النقدية والجذرية، ووقوفها على مسافة واحدة من الأنظمة العربية والإسلامية. أما اليوم، فنجد أحد أبرز قادتها يتحدث بلغة أقرب إلى البيانات الصادرة من طهران منها إلى بيانات الفصائل الثورية.

هذا النوع من التصريحات لا يعكس موقفًا وطنيًا حرًا، بل أقرب ما يكون إلى “مسح جوخ” سياسي من أجل التمويل. لقد صار واضحًا أن بعض الفصائل، بدل أن تُموّل مقاومتها من دعم شعبي أو وطني، باتت تعيش على فتات موائد الحرس الثوري الإيراني، وتُعيد صياغة خطابها بما يُرضي “المموّل”، لا ما يُعبّر عن الشعب.

تحالف غريب: ماركسيون في حضن الفُرس

الأكثر إثارة للسخرية في هذا السياق هو التحالف النشاز بين الماركسيين والفرس. كيف لمنظومة فكرية علمانية، قائمة على التحرر الطبقي والنضال الأممي، أن تتحالف مع نظام ديني طائفي يعتمد على ولاية الفقيه؟ هذا ليس تحالف مبادئ، بل تحالف مصالح مشبوهة، يخفي تحت عباءة المقاومة مشاريع هيمنة مذهبية لا علاقة لها بفلسطين، بل تُسيء إليها.

هذا التحالف يفرغ المضمون الثوري للجبهة الشعبية من مضمونه، ويحوّلها – بشكل لا لبس فيه – من “جبهة مقاومة” إلى جبهة ممسوكة من الخارج، تقف في طابور الانتظار أمام جيب طهران المفتوح.

عوامل الانتصار؟ أم عوامل التبرير؟

مزهر قال إن “عوامل الانتصار أصبحت أكثر وضوحًا”. لكن الواقع يقول عكس ذلك. فبدل وضوح طريق التحرير، نرى الارتهان يتعمّق، والانقسام يتجذر، والمزايدات الإيديولوجية تطغى على الفعل السياسي الحقيقي.

إذا كانت “عوامل الانتصار” تعني المزيد من الارتهان، والتطبيل لمحور يستخدم فلسطين كورقة تفاوض في فيينا أو بغداد، فهذه ليست مقاومة، بل استغلال رخيص لمعاناة الشعب الفلسطيني.

خاتمة: لا تحرير في جيب أحد

التحرر لا يأتي من ارتهان لأجندات خارجية، سواء كانت أمريكية أو إسرائيلية أو إيرانية. المقاومة الحقيقية لا تحتاج إلى شهادة من طهران، ولا إلى تمويل مشروط بولاء سياسي. فلسطين لا تُباع، ولا تُشترى، ولا تُدار من غرف عمليات إقليمية.

التاريخ سيحكم بقسوة على من غيّروا مبادئهم مقابل المال، وعلى من استبدلوا راية التحرر براية “الولي الفقيه”. من الجبهة إلى الجيب الإيراني… تلك هي قصة انحدار خطاب المقاومة حين يفقد استقلاله، ويتحوّل إلى صدى لقرارات خارج الحدود.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الثلاثاء

أسعار الذهب اليوم الثلاثاء

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 12 أغسطس كالتالي :عيار 22 69.900عيار 21 66.800