2:08 مساءً / 7 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في الأرحام… ، بقلم : د. وسيم وني

في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في الأرحام… ، بقلم : د. وسيم وني

في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في الأرحام… ، بقلم : د. وسيم وني

في قطاع غزة المحاصر، لم تعد المجاعة تهدد فقط الأجساد الجائعة فقط، بل امتدت لتفتك بمن هم في بطون أمهاتهم، وسط ظروف كارثية تتناقض كليًا مع أبسط المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية والسماوية .

النساء الحوامل في غزة يواجهن خطرًا وجوديًا مضاعفًا؛ حيث لا غذاء، ولا دواء، ولا رعاية صحية ،الأجنة في الأرحام يُحرَمون من الحق في الحياة، قبل أن يروا نورها.

“حُكم بالموت”: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان

صندوق الأمم المتحدة للسكان أكد عبر منصة “إكس” أن الحوامل في غزة “يتضورن جوعًا، ويعشن في خوف دائم، ويُجبرن على الولادة في ظروف غير إنسانية”.

وتُصنّف واحدة من كل ثلاث حالات حمل على أنها عالية الخطورة، ويُولد طفل من كل خمسة إما ناقص الوزن أو مبكر الولادة، وسط معاناة أكثر من 40% من النساء الحوامل والمرضعات من سوء تغذية حاد.

ما يجري ليس أزمة صحية فحسب، بل جريمة إنسانية متكاملة الأركان تنطوي على “حُكم بالإعدام البطيء” على النساء والأطفال، نتيجة الحصار الشامل والمنهجي المفروض على غزة، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.

أرقام مفزعة: التجويع كأداة للقتل

كما وأفادت مصادر طبية رسمية في قطاع غزة بأن 180 روحًا أُزهقت حتى الآن بسبب الجوع، من بينهم 93 طفلًا، في واحدة من أبشع الجرائم التي تُرتكب تحت الحصار الذي يفتك بأبناء شعبنا الفلسطيني.

وفي غضون 24 ساعة فقط، استُشهد خمسة من أبناء شعبنا نتيجة سوء التغذية، في ظل غياب تام لأي استجابة إنسانية أو تحرك دولي جاد.

وأكدت التقارير أن كل طفل مات جوعًا “كان يمكن إنقاذه بعلبة حليب”، وكل روح أُزهقت كانت تنتظر “لقمة، وجرعة دواء، ونظرة رحمة لا أكثر”، مشددة على أن المجاعة في غزة ليست كارثة طبيعية، بل جريمة حرب مكتملة الأركان تُنفّذ بعمدٍ وقصد على مرأى ومسمع العالم أجمع.

الركائز القانونية للاتهام: انتهاك لمعاهدات واتفاقيات دولية

ما يحدث في غزة يُعد خرقًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، لا سيما:

المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم القوة المحتلة بتوفير المواد الغذائية والإمدادات الطبية للسكان المدنيين.

المادة 147 من الاتفاقية ذاتها تصف “التجويع المتعمد للمدنيين” كجريمة حرب.

نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر في مادته الثامنة أن “استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب” يشكل جريمة حرب.

كما أن منع دخول المساعدات الإنسانية يُعد انتهاكًا لاتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي تكفل حق كل طفل في الغذاء والرعاية الصحية، وحماية حياته ونموه البدني والعقلي.

انهيار في الأمن الغذائي

كشفت تقارير ميدانية موثوقة أن طفلًا من كل أربعة، ونساء حوامل كُثر، يعانون من سوء تغذية حاد نتيجة استمرار الحصار الشامل على قطاع غزة.

ووفقًا للبيانات، فإن 25% من الأطفال والحوامل الذين خضعوا للفحص الطبي يعانون من سوء تغذية، مما يعكس انهيارًا خطيرًا في البنية الغذائية والصحية للسكان المدنيين.

وأشارت هذه التقارير إلى أن ما يحدث في غزة هو تجويع متعمد وممنهج، يُستخدم كسلاح لفرض العقاب الجماعي، وطالبت الجهات الدولية بالضغط الفوري على سلطات الاحتلال من أجل السماح غير المشروط بدخول الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع دون تأخير.

الحقوق الأساسية في قلب المعركة:

الحياة، الغذاء، والصحة

يشكل الحصار المستمر على غزة انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية للإنسان، لا سيما الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في الغذاء، وهي حقوق مكفولة في مواثيق دولية أساسية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

إن حرمان ابناء شعبنا الفلسطيني ، وبالأخص النساء الحوامل والأطفال، من هذه الحقوق هو بمثابة انتهاك صارخ ليس فقط للإنسانية، بل أيضًا لكل القوانين التي تحكم النزاعات المسلحة، والتي تهدف إلى حماية المدنيين وعدم المساس بهم.

النساء في مواجهة حصار القهر: معاناة تفوق الوصف

المرأة الحامل في غزة ليست فقط ضحية الحصار، بل تمثل رمزًا للصمود في وجه قسوة الواقع. الجوع والإرهاق والضغط النفسي والبدني يجعل من الحمل خطراً متزايدًا على حياتها وحياة جنينها.

وأمام هذا الواقع، تتضاءل فرص الوصول إلى خدمات طبية متخصصة، ويزداد خطر المضاعفات الصحية التي قد تودي بحياة الأم أو الجنين، الأمر الذي يتطلب تحركًا دوليًا عاجلاً لإزالة هذه المعضلة الإنسانية.

“مجزرة صامتة” وجيل بلا غذاء

الوضع في غزة لم يعد مجرد أزمة، بل مجزرة صامتة ، آلاف الأطفال من أبناء شعبنا لم يتناولوا منذ شهور كأس حليب واحدة، أو قطعة جبن، أو أي غذاء ضروري لنموهم.

ومظاهر سوء التغذية أصبحت واضحة: توقف النمو، هشاشة العظام، ضمور العضلات، نقص الفيتامينات، وفقر الدم.

ونحن أمام “جريمة إبادة بطيئة”، كون أن قوات الاحتلال لا تقتل بالقنابل فقط، بل بالتجويع المنهجي أيضًا.

أطفال لا تنمو.. وأمهات يحفرن قبور أطفالهن بأيديهن

إحدى الأمهات روت أن ابنها، خلال هدنة قصيرة، نما له أربع أسنان، بينما اليوم وبعد مرور أكثر من عام، لم ينبت له أي سن جديد، لأنه لا يأكل سوى العدس والمعكرونة وخبز “الدقة”.

فنساء غزة لا يحملن أطفالًا فقط، بل الخوف، الجوع، الإعياء، والخذلان، يدخلن غرفة الولادة بجسد منهك، ويخرجن بطفل بالكاد يلتقط أنفاسه الأولى، في مشهد مروّع لغياب أبسط مقومات الحياة.

40 ألف رضيع مهددون بالموت

تشير التقديرات الميدانية إلى أن أكثر من 40 ألف رضيع لم يكملوا عامهم الأول معرضون للموت البطيء، نتيجة نقص حليب الأطفال ومنع إدخاله من قِبل قوات الاحتلال، في ظل استمرار الحصار الخانق وغياب أي استجابة إنسانية فعلية.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تُشن حرب شاملة على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، وسط تجاهل للنداءات الدولية وتحدٍ سافر لأوامر محكمة العدل الدولية.

المجتمع الدولي: شريك في الجريمة أم متفرج؟

لقد فشلت معظم مؤسسات المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات عملية لوقف معاناة سكان غزة. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل متفرجًا أو صامتًا أمام هذه المأساة التي تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

إن الصمت الدولي وعدم اتخاذ إجراءات رادعة يعطي الضوء الأخضر للاستمرار في سياسة التجويع والقتل البطيء، مما يجعل المجتمع الدولي شريكًا غير مباشر في ارتكاب هذه الجرائم.

دور الإعلام والضغط الشعبي: صوت لمن لا صوت لهم

يبقى الإعلام الحر والمجتمع المدني المحلي والدولي هما الأمل الأخير لكشف حقيقة ما يحدث في غزة أمام العالم، وإيصال صوت النساء الحوامل والأطفال الذين يعانون في صمت.

الضغط الشعبي والدولي من خلال التوعية والتحرك الحقوقي والسياسي هو السلاح الفعال لكسر جدار الصمت، وفرض إرادة الإنسانية والقانون على أطراف النزاع.

وأخيرا المجاعة سلاح حرب.. فلتُفتح أبواب العدالة الدولية

إن ما يجري في غزة اليوم ليس مأساة إنسانية فحسب، بل جريمة حرب مكتملة الأركان تُنفّذ بتخطيط وبإرادة سياسية وعسكرية واضحة ،التجويع وسيلة قتل ممنهجة، تُستهدف بها النساء والأطفال قبل الرجال، والأجنة قبل المواليد.

كل ساعة تمر دون تدخل دولي هي مباركة ضمنية لهذه الإبادة البطيئة والوحشية التي تقودها قوات الاحتلال، وكل منظمة دولية تكتفي بالبيانات دون فعل، تتحمل جزءًا من مسؤولية الجريمة.

إننا نطالب بـ:

فتح تحقيق عاجل من قبل المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي.

إرسال لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم بحق النساء والأطفال.

فرض عقوبات عاجلة على سلطات الاحتلال التي تستخدم التجويع كسلاح في وجه المدنيين.

فلتعلم البشرية أن في هذا الزمن، وفي القرن الواحد والعشرين، يموت الأطفال في غزة من الجوع، بينما يراقب العالم بصمتٍ بارد.

وإن صمت الضمير العالمي اليوم، فالتاريخ لن يرحم غدًا أولئك الذين عرفوا الحقيقة واختاروا التجاهل.

  • – د. وسيم وني – عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

شاهد أيضاً

"ديان تشا" أسلوب تحضر الشاي الذي يرجع أصله إلى عهد أسرة سونغ الملكية في قرية جينغشان بمدينة هانغتشو

الصين : “ديان تشا” أسلوب تحضر الشاي الذي يرجع أصله إلى عهد أسرة سونغ الملكية في قرية جينغشان بمدينة هانغتشو

شفا – يعود تاريخ مهارة “ديان تشا” إلى ألف سنة. وزار عدد من السياح من …