
دعوةُ السماء ، للشاعرة فداء بن عرفة ، ومجارات دعوة النور للشاعر نسيم خطاطبة
أيُّها الفنّانُ، هلْ دمعٌ جَرى منكَ على الأرضِ التي تَحتَرِقْ؟
أمْ علّمتَ القلوبَ الساكناتِ بأنَّ صمتَ الشعْرِ لا يَنْطِقْ؟
فِلسطينُ التي نادتكَ فجراً، كلُّ رجعِ الصوتِ فيها يَخنِقْ
والحقائقُ مثلُ ماءٍ سالَ فيها، غيرَ أنّ النبعَ فيها يَفْرُقْ
أين نصرُ الضّعفاءِ؟ أما كفَفْنا دمعَ ملهوفٍ توالى يَخْتَنِقْ؟
أين مَن للحقِّ إنْ قامَتْ خطاهُ، وسيوفُ الظّلمِ فيها تَفْرِقْ؟
تسألُ السّمْواءُ إنْ غابتْ نجومٌ، وانطفى فينا الشعاعُ المُشرقْ
ما الذي كنّا؟ ودربُ العزِّ يبكي، والدّموعُ على الجراحِ تَـحْرِقْ
إنْ رأيتَ الموتَ فينا كلَّ يومٍ، والذّئابُ تسرحُ الدربَ المُغَبَّقْ
فاعلمِ أنّ السّكوتَ جريمةٌ أدهى من السيفِ المجلّي إنْ يُشَقْ
فانهضِ اليومَ، واصدَحْ بالحقائق، لا تُجاملْ في الخطى أو تُـفْرِقْ
إنّما الدينُ انحيازٌ للمُعَنّى، أو دُعاءٌ في المدى قد أَبْـرَقْ
واعلموا أنّ الزمانَ اختلَّ فينا، والحِمى باتَ اشتعالاً مُـمْـحِقْ
لو سكتنا واليقينُ تَحتَ أقدامِ الطغاةِ، لحطّنا ذلٌّ مُحَـقْ
فلتكنْ رحمتُك الضوءَ الذي في العتمةِ الجهلاءِ دوماً يَسْبِقْ
وإذا نادتْكَ أرضٌ بالفدى، قلْ: ها أنا، والحقُّ فيّ مُتأنِّقْ
حينما صوتُ الحقيقةِ في الدّياجي مثلُ برقٍ في السماءِ يُـخْـرِقْ
كُنْ صدًى لا ينثني للصّمتِ يوماً، بل يُجاهرُ بالهدى ويُـعْـنِقْ
فكتابُ السماءِ اليومَ يُتلى:
من يَقُدْ كفَّ اليتيمِ بعطفِ صدرٍ، للمَعالي عزَّهُ سيُعَـتَّقْ
ومنِ استَخفى بدمعةِ ذي وُجونٍ.. في جحيمِ الصمتِ يوماً سيُـحْـرَقْ!
فداء بن عرفة
مجارات نسيم خطاطبة
دعوة النور
يا مُرْتَقِيًا في الظّلامِ، أما سَبَقْ؟
جيلٌ سَيأتي، يُصلِحُ الجُرحَ المُحْتَرَقْ
أرضُ الخلودِ تَرتوي، لا تَسْتَسِقْ
والسيفُ يَفصلُ بينَ ظلمٍ ومَنْ صَدَقْ
نورُ الحقيقةِ في الدُّجى قد لاحَ شَقْ
وكتابُ ربّي وعدُهُ عَطِرٌ عَبِقْ
مهما تَأخَّرَ فجرُنا، فهوَ المُحَقْ
والشمسُ لا تُخفى، وإن طالَ الطّرَقْ
فوقَ القبابِ، مجدُنا صَعدَ الأُفُقْ
ورَفَتْ لواءُ العزِّ في المجدِ المُعَقْ
صوتُ البطولةِ فَجَّرَ السُّبُلَ ودَقْ
يُوقظُ مَن نامَ، ويَهْتِفُ مَن نَطَقْ
لن يُرهِبونا، والخُلودُ لنا وَثَقْ
نسعى بصدقٍ، بالعقيدةِ والحَذَقْ
بِرُسُلِنا يَسْري الضياءُ، لهم سُبُقْ
هاماتُهم للمَجدِ، في الأعْلى تَعِقْ
لسنا نُباهي، بلْ نُبيِّنُ مَن سَبَقْ
فالحقُّ نَفْسٌ، والمُعادينَ الحَدَقْ
يا أُمَّةَ القرآنِ، إنْ كنتِ الوفَقْ
لا يُفلِحُ الباغي، وإن صالَ أو نَطَقْ
يا نَسلَ مَنْ في النورِ والحقِّ استبَقْ
كونوا لوجهِ اللهِ، نورًا مُتَّفِقْ
فالحقُّ يولدُ مِن شظايا مَن خَنَقْ
والسيفُ يُهدي، واليقينُ بهِ وثِقْ
وإذا اصطلى الدربُ بنارٍ أو غَسَقْ
فالعدلُ يُصْرَخُ، والصدى لا يَنْخَنِقْ
وسَيرتقي نَبضُ الحياةِ إذا انْطَلَقْ
فالنصرُ وعدُ اللهِ، ما وُعِدَ انْمَحَقْ
نسيم خطاطبة