3:38 مساءً / 20 يوليو، 2025
آخر الاخبار

صحفيو غزة يقرعون جرس المعاناة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

صحفيو غزة يقرعون جرس المعاناة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

في مشهدٍ مؤلم ومعبّر، وقف العشرات من صحفيي قطاع غزة عند مفترق المجلس التشريعي بمدينة غزة، في وقفةٍ تضامنية صاخبة بالصمت والوجع، حاملين لافتات كتبوا عليها جوعهم، ورفعوا بأيديهم كاميراتهم المهشمة، وأصواتهم المبحوحة، وكرامتهم المنهكة.

هذه المرة لم يكن الصحفيون لينقلوا مأساة الآخرين، بل ليكونوا هم أنفسهم المأساة. كانوا الوجع المتكلم، والصورة التي لا تحتاج لتعليق. وجوه شاحبة، وعيون أنهكها السهر والخوف، وحديث مكلوم عن أطفالٍ ناموا بلا طعام، وعن أسرٍ تنتظر فتات المساعدات، بينما أصحاب الكلمة الحرة يُتركون وحيدين في الميدان، بلا سند ولا دعم.

العدوان المستمر على غزة منذ شهور، لم يُبقِ للصحفيين شيئًا. دُمرت البيوت، واحترقت المكاتب، وانقطعت الرواتب، وغابت أبسط مقومات العيش الكريم. بعضهم فقد بيته، وآخر فقد معداته، وغيرهم فقد أهله أو زملاءه. ومع ذلك، لم يغادروا مواقعهم، وبقوا شهودًا على المجازر، وسفراء للمعاناة في أكثر صورها قسوة.

اللافتات المرفوعة لم تكن شعارات سياسية، بل كانت نداءات من قلوب موجوعة:

“أطفالنا جائعون ونحن نصنع الخبر”

“نقلنا وجع الناس.. فمن ينقل وجعنا؟”

“الصحفي في غزة: بين الجبهة والمجاعة”

لقد صرخ الصحفيون بأسئلة لا تحتاج إلى تحليل، بل إلى ضمير حي:


أين مؤسسات المجتمع الدولي؟ أين المؤسسات الإعلامية؟ أين الهيئات التي تتغنّى بحرية الصحافة؟ أين العدل؟ أين الإنسانية؟
هل يُعقل أن نكون شهودًا على آلام شعبنا ثم نموت جوعًا أمام صمت الجميع؟

الوقفة لم تكن فقط احتجاجًا على التجويع، بل كانت دفاعًا عن الكرامة، وعن مهنة باتت تستهلكهم دون أن تضمن لهم قوت يومهم. مهنة لم تُحصِ شهداءهم كما يجب، ولم تُطعم أبناءهم كما يجب، ولم تحمِ ظهورهم من الجوع والطعنات كما يجب.

إنّ صمت المؤسسات الإعلامية العربية والدولية، وانشغال بعض الجهات بالشعارات دون الأفعال، هو خيانة للمهنة، وخذلان للأوفياء الذين ما زالوا يصرخون من قلب الركام.

ختامًا


وقفة صحفيي غزة عند مفترق المجلس التشريعي ليست تفصيلًا عابرًا، بل رسالة سياسية وأخلاقية، وجّهت إلى من يملكون القرار ولا يرون الجوع بعين الحقيقة. هي جرس إنذار للضمائر، قبل أن تكون رسالة احتجاج. فكرامة الصحفي هي كرامة الكلمة، وجوعه ليس إلا مرآةً لانهيار منظومة الدعم الأخلاقي والمهني في زمنٍ فقدَ فيه كثيرون بوصلة الشرف والواجب.

إنقاذ صحفيي غزة اليوم، هو إنقاذ لما تبقّى من صورة حقيقية عن العالم.

شاهد أيضاً

الاحتلال يخطر بهدم 7 منازل في الخضر جنوب بيت لحم

الاحتلال يخطر بهدم 7 منازل في الخضر جنوب بيت لحم

شفا – أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بهدم 7 منازل في بلدة الخضر جنوب …