
كيف لخلية نحل أن تنير بلدا؟ مركز اليامون المجتمعي للتعليم مدى الحياة ، بقلم : نسيم قبها
في قلب حارات اليامون القديمة المُطلّة على جدران الزمن ، ينبض مركز اليامون المجتمعي للتعليم مدى الحياة ، هو ليس مجرد فناءات لمبنى عتيق تتوارى خلفه الشمس في المساءات ، هو يشعّ بقلبٍ مجتمعيٍّ نابض بالعزم. تصوّر خلية نحلٍ تعمل بنظام بديع: الموظفون القلائل والمتطوعون المتدفقون كالنهر، كلٌّ يعرف دوره بفطرةٍ وإتقان والتزام ، يعملون باستقلاليةٍ تُذهل الناظرين، وكأنّ روحًا جماعيةً واحدةً تُدير الرقص المرح.
التحديات؟ كالجبال! حصارٌ ماديٌّ خانق، وهمومٌ فلسطينيةٌ ثقيلة. لكنّ مركز اليامون صمد كالسنديان. كيف؟ بالإنتاج الذي يُغنم الرزق والكرامة:
مطبخ الإبداع: هنا تُحول الأيادي العاملة أبسط المحاصيل إلى كنوز. مخللاتٌ تفوح منها رائحة الأرض، ومربياتٌ تُحلى بالصبر، وخبزٌ طازجٌ يُشترى قبل أن يبرد ، تأكله فيصل إلى قلبك قبل معدتك. كل قطعة تُباع تُذيب شيئًا من جليد التحدي، وتُمول مستقبل المركز الأنموذج.
دورات الحياة: لا مكان للجمود هنا. نسجٌ يحيك الأحلام، وحاسوبٌ يفتح آفاقًا جديدة في طرائق ذكاء لا متناهية، ولغة تشاركية تُحطم الحواجز، وفنونٌ تُحرر الروح. كل دورة إجابةٌ على حاجة المجتمع، وخطوةٌ نحو اكتفاءٍ ذاتي.
لم يعد المركز مجرد جدران. نجاحه صار نورًا هادياً لعثرات لا يجب أن تكون . بلديات المنطقة تحدّقت بإعجاب نحو “خلية النحل” التي حولت التحدي إلى إنتاج، والعزلة إلى تعاون، والفرد إلى مجتمع. بدأت الأصوات ترتفع: “لنفتح مراكزنا!”، مركزًا يجمع حكمة المتقاعدين، ودراية الخبراء، وحماسة الشباب، على نهج مركز اليامون.
مركز اليامون أكثر من مركز؛ هو قصة إصرارٍ فلسطيني يطلّ على سهل مرج بن عامر ، حكاية تُروى عن أناسٍ رفضوا أن يكونوا رقمًا في سجل البطالة أو اليأس، فحوّلوا حجراتهم إلى ورشة أمل، ومنتجاتهم إلى شعار كرامة، وتعاونهم إلى نموذجٍ يُضاء به درب القرى والبلدات. في قلب الحيّ، تثبت خلية النحل الصغيرة أن التعليم مدى الحياة، والإنتاج المتقن، والعمل الجماعي المستقل، هي أقوى أسلحةٍ في وجه أيّ عاصفة.
- – نسيم قبها – الإئتلاف التربوي الفلسطيني – منسق تعاونية تعلم وتعليم الكبار
