11:46 مساءً / 7 يوليو، 2025
آخر الاخبار

في لحاظ السيوف تصفّق الأبطال ، قراءة تحليلية وجدانية في قصيدة ولكم جزاء للشاعرة د. ميساء صح ، بقلم: رانية مرجية

في لحاظ السيوف تصفّق الأبطال ، قراءة تحليلية وجدانية في قصيدة ولكم جزاء للشاعرة د. ميساء صح ، بقلم: رانية مرجية

“في لحاظ السيوف تصفّق الأبطال: قراءة تحليلية وجدانية في قصيدة ولكم جزاء’ للشاعرة د. ميساء صح” ، بقلم: رانية مرجية

مقدمة: وجع القصيدة وحضور الوطن

في هذه القصيدة الزاخرة، تقف الشاعرة الدكتورة ميساء صح وجهاً لوجه أمام جلاديها، أمام قوى البطش والظلم والقهر، فلا تتوسل، ولا تنكسر، بل تعرّيهم على صفحات القصيدة كما لو كانت تنطق بدمها ودموعها في آن. إنها قصيدة وجع جماعي، لكنها تتشح بحزن فردي نافر، فتصير شهادةً على عصر لم يعد فيه التكسير حرامًا، بل أصبح طقسًا متكررًا في حياة كل من قاوم وتمسك ببراءته وكرامته.

  1. بنية القصيدة: تشريح الألم على مراحل

القصيدة تسير في نسق تصاعدي يحاكي تطور الجرح وتحوله من كسرٍ بسيط إلى موت رمزي، ثم إلى انبعاث من رماد المواجهة، وصولًا إلى لحظة النصر الأخلاقي على جلاديها.

البداية: “كسرتم بي إرادتي” — بداية مباشرة وصادمة، كأنها حكم إدانة تصدره الضحية على جلاديها.

التصعيد: ننتقل من الكسر إلى الإعدام الرمزي، من تدمير الكتابات إلى إشعال النيران في الذاكرة.

الذروة: “حرماني من الدفن” — تصل القصيدة إلى أعلى درجات الانتهاك، حيث لا يُسمح حتى للموتى بالراحة.

الخاتمة: انقلاب في الخطاب، تحوّل الشاعرة من موقع المفعول به إلى الفاعل، وتعلن: “فكيف كان لكم أن اعتديتم علينا…” – إنها لحظة المواجهة والانبعاث من قلب القهر.

  1. الرموز والدلالات: من عباءة الطفولة إلى ملبس الإحرام

تعتمد القصيدة على صور ورموز مكثفة تنتمي إلى فضاء ثقافي عربي/إسلامي عميق، تخلق مستويات متعددة من التأويل:

“عباءة الطفولة”: رمز للبراءة والأمل، ما تزال الشاعرة تحتمي بها، رغم اعتداءات الزمن.

“ملبس الإحرام”: خاتمة عميقة تختصر الدلالة؛ حيث تحيل إلى الطهارة، والموت، والحج إلى المطلق.

“بساتينكم ما عادت مورقة”: استعارة لموت القيم لدى المعتدين، للجفاف الأخلاقي والروحي الذي يحيط بهم.

  1. ثنائية القامع/المقموع: انقلاب الأدوار وجمالية المقاومة

يتضح في القصيدة أننا إزاء صراع بين من يملك السلطة، لكنه فقد إنسانيته، وبين من يملك الكلمة والحقيقة:

الشاعرة تقف كممثّلة عن المقهورين، لكنها لا تظهر كضحية فقط، بل كمُقاوِمة.

اللغة الثائرة، التكرار، نبرة التحدي، والتصعيد اللفظي، كلها أدوات وظفتها ببراعة لتعري المعتدي وتثبت تفوقها الأخلاقي عليه.

  1. البنية الإيقاعية والموسيقية: من النثر إلى الشعر المقاوم

رغم أن القصيدة تكتب بأسلوب حرّ، نثري ظاهريًا، إلا أنها مشبعة بإيقاع داخلي قائم على التكرار، التصعيد، والمفارقة. كلمات مثل: كسرتم، دمرتم، حاولتم، أطفأتم، قتلتم… تبني نغمة احتجاجية منظمة.

تُذكّرنا هذه النغمة باحتجاجات درامية على الخشبة، لا تكتفي بالبوح، بل تتحدى وتحرّض.

  1. بُعد وجداني/وجودي: من الكتابة كفعل حياة إلى الشهادة كخلاص

القصيدة ليست فقط صرخة احتجاج، بل أيضًا تساؤل وجودي مؤلم:
“ماذا زرعت، ماذا حصدت، ماذا جنيت؟”
إنها لحظة مراجعة ذاتية قاسية، لكنها لا تنتهي بالانكسار بل بالتحرر.

  1. الانتصار في الهزيمة: إعلان الولادة من رحم القهر

تصرخ الشاعرة في ختام القصيدة:
“حين أذكر من أحب، حين قهوة الصبح، حين يبادلني بالتحية الأصحاب…”
تؤكد أنها باقية، حية، محاطة بالمحبين، فيما خصومها يعيشون في ظلمة أفعالهم، بلا ذكريات مشرقة ولا بساتين.

خاتمة: ميساء صح… حين تكتب بمداد الوجع النبيل

هذه القصيدة ليست نصًا غنائيًا وحسب، بل بيانًا ثوريًا يحمل في طياته عمقًا إنسانيًا ووطنيًا.
في زمن تُطفأ فيه الأنوار، وتُكسر الإرادات، تأتي الشاعرة ميساء صح لتعلن: أن الكلمة أقوى من النار، وأن العباءة أنقى من السيف، وأن الإحساس بالمظلمة إذا ما دوّنته أنثى مقاومة، يتحوّل إلى أيقونة.

إنها قصيدة تليق بزمن الصمت، لتهزه بصوت أنثوي هادر لا يخشى الموت، لأنه يعرف أن الحق لا يُدفن، بل يزرع في التربة، فينبت أملًا.

شاهد أيضاً

محافظ سلفيت يبحث مع قائد جهاز الارتباط العسكري عددا من القضايا المهمة

شفا – بحث محافظ سلفيت مصطفى طقاطقة، اليوم الإثنين، مع قائد جهاز الارتباط العسكري اللواء …