
قصيدة “سَفَرُ الكلماتِ” بقلم : فداء بن عرفة
يا رَفيقَتي في مَملكةِ الحُرُوفْ
وشَريكَتي في سَفْرِنا المُعْتَرَفْ
سِرْنا نُقَلِّبُ في الكُتُبْ وَنَقْتَفِي
أثَرَ الحَكايا في الدُّروبِ الشُّرُفْ
ذُقْنا الهَريسةَ في تُونِسَ الهَتُوفْ
وَشمَمْنَ ياسَمينَ شامِنا الأَنَفْ
صلّينا في مِصرٍ تُناجِي رُوحَنا
والنّيلُ يُسقي قلبَنا بالألَفْ
وَرأَيتُ فيكِ العِلمَ يَنْهَلُ دافِئًا
من مَشرِقٍ ذاقَ الزّمانَ النَّزِفْ
كنتُ أظُنُّ القِراءةَ مُعتَصَمي
حتى أتيتِ فصارَ قلبي يَهتِفْ
هذي الكُتُبْ وطنٌ بِلا تَزْييفٍ
وبِلا جُيوشٍ أو سُيوفٍ تُرْجِفْ
وإذا سَلكتِ زُقاقَ بيروتٍ فَلي
فِي الضَّوضَءِ المُتَأجِّجِ المتنفَّفْ
وإذا دَعوتِ على ضفافِ دِجْلَةٍ
فأنا الدُّعاءُ يُرفْرِفُ ويَهتِفْ
يا بِنْتَ مَشرِقِنا العَميقِ مَعانِقًا
كَم حِكمةٍ في قَولِنا تَتَكشَّفْ
كنتُ أَسيرُ كالسَّفينَةِ حائِرًا
فَأَتيتِ مثلَ بَحرِ عِلْمٍ مُنْصِفْ
فامكُثي معي في الدُّروبِ الباهِرَهْ
نَقطِفْ كَلامًا من جُنونٍ يَعْصِفْ
وإذا مَلَلْتِ مِن البَشَرْ وَصَخْبِهِمْ
فالكِتابُ نُورٌ في الظلامِ يُؤلِّفْ
فالروحُ تقرأُ، لا العُيونُ وحسبُها
ومِنَ الحُروفِ تَطيبُ نَفسٌ وتَرْأفْ
فداء بن عرفة
دعيني أُسافِرْ
دعيني أُسافِرْ لَكْ عَبرَ النُّجومْ
وأركَبْ خيالَ الهَوى، والعَينُ نومْ
أُقَطِّفُ مِنْ فَوْقِهِا نَجمًا يُضيءُ
وَأُهديكِ شَوقًا يُلامِسُني بِدِيمْ
أُفَتِّشُ عَن حُبِّنَا الضّائِعِ الغَريبْ
كطِفْلٍ تَوارى وَما عَادَ يُسْمَعُ اسمْ
تُنَاديهِ أُمُّهُ وَالدَّمْعُ فَاضَ بها
وَتَصرُخُ تَبحثُ، وَالوجدُ مُزدَحِمْ
فَعِندَ اللِّقاءِ كَصَومٍ قَد تَمامَ
يَفيضُ السّلامُ، وَيَنسى الأسَى الألمْ
وَكُلَّ حَنينٍ إِذا ما البُعدُ طَالْ
يَعودُ لِقلبي وَيَنسَابُ فِي القَلَمْ
فَأكتُبُ ما خَبَّأَتهُ السُّنُونُ
مِنْ الوجدِ، مِنْ حُزنِ دَهرٍ، مِن نَدَمْ
أُعيدُ النُّجومَ لِعَينيكِ في السَّما
وَأَكفِي بنَجمٍ يُحقِّقُ لي الحُلُم
فَأَرسُو بِقَلبِي الّذِي كانَ سَائِرًا
وَأَدرِكُ أَنَّ الهَوَى صَارَ كَالْعَدَمْ
وَأَنَّ جَمالَ اللّقَاءِ الّذِي رَسَمَتْ
خُيُولي عَلَى غَيمِهِ كانَ مُنْهَزِمْ
فَكُلُّ الّذي كُنتُ أَحْلَمُهُ غَدا
كَحُلمٍ تَبدَّدَ، ما عادَ يَسْتَقِمْ
فَلَيسَتْ تُنَالُ المَنَامَاتُ بالعُلا
إِذا لَمْ يُجَاوِرْهَا صَبْرٌ وَهِمَمْ
نسيم خطاطبه