10:49 مساءً / 1 يوليو، 2025
آخر الاخبار

من يُعرّف الإرهاب ؟ حين يتحول الجلاد إلى قاضٍ، القضية الفلسطينية نموذجًا، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل

من يُعرّف الإرهاب ؟ حين يتحول الجلاد إلى قاضٍ، القضية الفلسطينية نموذجًا، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل

من يُعرّف الإرهاب ؟ حين يتحول الجلاد إلى قاضٍ، القضية الفلسطينية نموذجًا، بقلم : أ‌. خليل إبراهيم أبو كامل

في زمن طغى فيه التشويش الإعلامي على الحقيقة، تحوّل مصطلح “الإرهاب” إلى سلاح بيد الأقوياء، يستخدمونه لإسكات المظلومين وتبرير جرائمهم. من يملك القوة اليوم، لا يكتفي بممارستها على الأرض، بل يفرض روايته للعالم، ويُلبسها ثوبًا قانونيًا وأخلاقيًا، حتى لو كانت مبنية على الكذب والتضليل.

من أكثر الأمثلة وضوحًا على ذلك هي القضية الفلسطينية. فمنذ نكبة عام 1948، والشعب الفلسطيني يعاني من تهجير قسري، احتلال عسكري، حصار، واستيطان، ومع ذلك، يُوصَف عندما يقاوم أو يدافع عن أرضه بأنه “إرهابي”! بينما يُبرر للاحتلال كل جرائمه بأنها “دفاع عن النفس”.

أي منطق أعوج هذا الذي يساوي بين الضحية والجلاد؟ أي عقل يقبل أن دولة تحتل شعبًا، وتحاصر مدنه، وتعتقل أطفاله، وتغتال قادته، ثم تدّعي أنها “تحارب الإرهاب”؟! أليس الاحتلال في جوهره هو أعلى درجات الإرهاب المنظّم؟

لقد تحوّلت المنظومة الدولية، في كثير من مواقفها، إلى مسرحية هزلية، حيث يغيب العدل وتحضر المصالح. تُكافأ إسرائيل – كقوة محتلة – على عدوانها، وتُعاقب فلسطين – كأرض محتلة – على صمودها. تُموّل آلة الحرب التي تفتك بغزة، بينما يُمنَع عن شعبها العلاج والغذاء والماء والكهرباء.

في هذه المعادلة، الإعلام العالمي يلعب دورًا أساسيًا، إذ يتم تسويق صورة الفلسطيني المقاوم على أنه خطر يهدد “السلام”، في حين يُغضّ الطرف عن الطائرات التي تدك بيوت المدنيين في غزة، عن القناصة الذين يستهدفون الأطفال عند السياج، عن المستوطنين الذين يحرقون البيوت والمزارع.

هذا التشويه المتعمّد للحقيقة هو أحد أدوات السيطرة على وعي الشعوب. من يسيطر على الخطاب، يسيطر على الإدراك. ومن يملك المنابر، يفرض روايته. وهكذا، تتحوّل المقاومة إلى تهمة، ويتحوّل الاحتلال إلى ضحية!

لكن رغم هذا الظلم المتراكم، لم يُسكت صوت فلسطين. فالحقيقة تفرض نفسها مع الزمن، حتى وإن أُخفيت في بدايته. والوعي الشعبي حول العالم بات يزداد، والاحتجاجات تتصاعد، والمواقف الداعمة للحق الفلسطيني تتسع، حتى داخل دول كانت تاريخيًا منحازة للاحتلال.

إن من يُمارس الإرهاب الحقيقي ليس من يدافع عن وطنه، بل من يغتصب الأوطان ويبرر ذلك عبر القوانين المصطنعة والمفاهيم المزيفة. والسيطرة على العالم لا تأتي فقط عبر القوة العسكرية أو المال، بل أيضًا عبر تشويه اللغة وسرقة المفاهيم. وهنا تكمن خطورة المرحلة: حين يتحول الجلاد إلى قاضٍ، والمحتل إلى ضحية، والمقاوم إلى متّهم.

شاهد أيضاً

بلجيكا والصين تتعهدان بتعميق العلاقات وتعزيز الثقة المتبادلة

بلجيكا والصين تتعهدان بتعميق العلاقات وتعزيز الثقة المتبادلة

شفا – التقى رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم …